إِذا اغْتَدَتْ بصَاحِبٍ مَصْحُوبِ
عاصٍ على المَلامِ والتأْنيبِ
فاشْتَرَفَتْ من جَانِبَىْ كَثِيبِ
مثْل اشْتِرَافش القَوْمِ للخَطِيبِ
ونَظَرَتْ كنَظْرَة الرَّقِيبِ
إِلى مُحِبٍّ وإِلى حَبِيبِ
تَخَالَسَا بالنَّظَرِ المُرِيبِ
بمُقْلةٍ تَشُقُّ في الغُيوبِ
فآنَسَتْ سِرْباً من السُّرُوبِ
ليس بمَحْروسٍ ولا مَرْبوبِ
فالْتَهَبَتْ كالكَوْكَبِ المَشْبُوبِ
وانْدَفَعتْ كالفَرَسِ اليَعْبُوبِ
وخَفِيَتْ كالقَاتِلِ المَطْلُوبِ
وظَهَرَت كالطالبِ القَرِيبِ
فرَجَعَتْ بثَعْلبٍ مَسْحوبِ
وأَتْبَعَتْ بأَرْنبٍ مَجْنُوبِ
أَدِيْبَةٍ تَأْوِى إِلى أَدِيبِ
مَرْهوبةٍ من أَنْفَسِ المَرْهُوب
تأْخذُ بالعُيُونِ والقُلُوبِ
[في عناق الأرض الذكر]
لعبد الله بن محمد:
مَن كان بالصَّيدِ كَسّاباً فقَانِصُهُ ... ذُو مِرَّةٍ في سِبَاعِ البِيْدِ مَعْدودُ
لكنّه كفَتَاةِ الحَىِّ بارِزةً ... من خِدْرِهَا مالِىءٌ للعَيْن مَودودُ
حُلْوُ الشمائل في أَجفانِه وَطَفٌ ... صَافِى الأَديمِ هَضِيمُ الكَشْح مَمْسودُ
فيه من البَدْر أَشْبَاهٌ مُوَافِقةٌ ... منْهَاله سُفَعٌ في وَجْهِه سُودُ
كوَجْهِ ذا وَجْهُ هذا في تَدَرُّرهِ ... كأَنّه منه في الأشكال مَقْدُودُ
له من اللَّيْث ناباهُ ومخْلبُهُ ... ومن غَرِيرِ الظِّباءِ النَّحْرُ والجِيدُ
فوَصْفُه ببَديعِ الحُسنِ مُشتَهرٌ ... ونَعْتُهُ بشدِيدِ البأْسِ مَوجودُ
يُصْغِى بأُذْنَيْنِ يُبْدِى وَشْكُ سَمْعِهِمَاله الّذِى غَيَّبَتْ في غَوْلِهَا البِيدُ
كآسَتَيْنِ على غُصْنٍ تَعَطَّفَتا ... من جَانِبَيْه وفي الرَّأْسَيْن تَحْدِيدُ
أَغَرّ يُصْبِيك أَو يُلْهِيك من دَعَجٍ ... في مُقلَتَيهِ على الخَدَّين تَخْدِيدُ
كعَنْبَرٍ عَوَّجَتْهُ في سَوَالِفها ... من بعدِ ما قوَّمَتْهُ الغادَةُ الرُّودُ
كأَنّه لاّبِسٌ من جِلْدِهِ فَنَكاً ... في لِينِه لِبَنَانِ الكَفِّ تَمهيدُ
مُلَمَّعٌ أَخْصَف العَيْنَيْنِ مُنْتَدِبٌ ... كأَنّه ببَدِيعِ الشَّكْلِ مَقصودُ
يَحْكِيهِ في إِرْبِه زَمْرُ الغَطَاطِ وفي ... لُطْفِ المكائِد منه السِّمْعُ والسِّيدُ
يَكادُ مِن سَدْكِهِ بالأَرْض يَخْرِقُها ... كأَنّه بحَثيِثِ الذُّعْرِ مَزءُودُ
يَنْسَابُ كالأَيْم هَبّالاً لبُغْيَتهِ ... حتَّى إِذا أَمكنَتْهُ وهْوَ مكدودُ
سَطَتْ عليه بها كَفُّ المَنُونِ فما ... تَبْغِى نَجَاءَ ورِرْدُ الحَيْنِ مَوْرُودُ
في النَّعام
لعليَ بن محمد الكوفيّ:
قد أَلْبسُ اليومَ حتى يَنْثَنِى خَلقاً ... وأَركبُ اللَّيْلَ بالغُرِّ الغَرَانيقِ
وأَنتحِى لنَعامِ البَرِّ سَلْهَبَةً ... كأَنَّهَا بَعْضُ أَحجارِ المَجَانيقِ
كأَنّما ريشُهَا والرِّيحُ تَفْرقُهُ ... أَسْمَالُ رَاهِبَةٍ شِيبَتْ بتَشقِيقِ
كأَنّهَا حين هَزَّتْ رَأْسَها ذُعُراً ... سُودُ الرِّجالِ تَعَادَى بالمَزَارِيقِ
فما استمدَّ بلحْظِ العينش ناظرُهُ ... حتّى تَغَصَّصَ أَعلاهنّ بالرِّيقِ
[في قوس البندق]
لأبي نواس:
يا رُبّ سِرْبٍ من إِوزٍّ رُتَّعِ
في صَخَبِ الحُوت بَرْودِ المكْرَعِ
فهنّ بين حُوَّمٍ ووُقَّعٍ
من كلِّ مَحبوكِ السَّراةِ أَدْرَعِ
مٌقَرّطٍ بتُومَتَين أَوْدْعِ
أَصْفر فَصِّ العَيْنِ أَحْوَى المَدْمَعِ
مَوْصُولَةٍ زَجَّتُهُ بالأَخْدَعِ
عُولِىَ مَتْناهُ بحُبْكٍ أَرْبَعِ
فهْو كبَيْتِ اللَّعبِ المُصَنّعِ
وشِقَقٍ صُفْرٍ لِذَاذِ المَنْزَعِ
وفي مَخالى الأَدَمِ المُرصَّعِ