للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَسْلَمْتُمُ حَذَرَ الطِّعانِ أَخاكُمُ ... بَيْنَ الكَدِيدِ وقُلَّةِ الأَعْرافِ

حتَّى هَوَى مُتَزايلاً أَوْصَالُه ... للخَدِّ بينَ جَنادِلٍ وقِفَافِ

للهِ دَرُّ بني عَليٍّ إِنْ هُمُ ... لمْ يَثْأَرُوا عَوْفاً وحَيَّ خُفَافِ

؟ يومُ بُرْزَةَ

وهو يومٌ لبني كِنَانَةَ على بني سُلَيمٍ، وقُتِلَ فيه ذو التاج مالكُ بن خالدِ بن صَخْر بن الشَّرِيد، وأَخوه كُرْزٌ، قَتَلَهُمَا عبدُ الله بن جِذْل الطِّعانِ، وكانتْ تَوَّجَتْ مالكاً وملَّكَتْهُ عليهم: خرجَ مالكُ بن خالدٍ ذو التاج في بني سُلَيْم، فَغَزَا بني كِنَانَة، ومعَه دَليلانِ من أَسْلَم، ولم يَتْبَعْهُ نُبَيْشَة ابن حَبِيب، فأَغَارَ على بني فِرَاس بنِ مالكِ بن كِنَانَة، بِبُررْزَةَ، فخرجت إليه بنو فِرَاسٍ، ورئيسُهَا عبد الله بن جِذْلِ الطِّعَانِ، فاقتتَلُوا، ثم دَعَا عبدُ الله بنُ جِذْل الطّعان للبِرَاز، فبرزَ له هِنْدُ بن خالدٍ، قال: أَخُوكَ أَسَنُّ منك، فرَجَع إِلى مالكٍ أَخيه فأَخْبَرَهُ بقول عبد الله فبرَزَ له مالك، فارتجَزَ عبد الله وقال:

ادْنُوا بني قِرْفِ القِمَعْ ... إِنّي إِذَا الْمَوْتُ كَنَعْ

لا أَستغيثُ بالجَزَعْ

ثم شدَّ على مالِكٍ فقتلَه فبرزَ له أَخوه كُرْزٌ، فشدَّ عليه عبدُ الله فقتله وهو يقول:

قدْ علمَ النَّدْمانُ إِذْ أُساقِيهْ ... وعَلِمَ القِرْنُ إِذَا أُلاقِيهْ

أَنّي لكُلِّ رَاهِنٌ أُكَافِيهْ

فشدَّ عَمْرو بنُ خالدٍ على عبد الله وهو يقول:

هذا مقَامِي وأَمَرْتُ أَمْرِي

فبَشِّرُوا بالثُّكْلِ أُمَّ عَمْروِ

فتَخَالَسَا طَعْنَتَيْن، فجَرَحَ كُلُّ واحدٍ منهُمَا صاحبَه وتَحَاجَزَا، ثمّ اشتَدَّ القِتَالُ، وقُتِلَ من بني سُلَيْم جَماعةٌ وانهزَمَتْ، وقال عبد الله بن جِذْل الطِّعَانِ في ذلِك:

تَجنَّبْتُ هِنْداً رَغبةً عن قِتَالِه ... إِلى مَالكٍ أَعشُو إِلَى ذِكْرِ مالِكِ

وأَيْقَنْتُ أَنّي ثائِرُ ابنِ مُكَدَّمٍ ... غَدَاتَئذٍ أَو هَالِكٌ في الهَوَالِكِ

فأَنْفَذْتُه بالرُّمْح حين طَعَنْتُه ... مُغَالَبَةً ليسَتْ بطَعْنةِ فَاتِكِ

وأَثْنِ لكُرْزٍ في الغُبَار بطَعْنةٍ ... عَلَتْ جِلْدَهُ منها بأَحْمَرَ عَاتِكِ

قتَلْنَا سُلَيْماً غَثَّها وسَمِيْنَها ... فصَبْراً عُصَىّ قد صَبَرْنا كذلكِ

دَهِمْنَا هُمُ بالخَيْل تَشْتدُّ بالضُّحَى ... بغَابَاتِ أَثلٍ مُشْرِفَاتِ الحَوَارِكِ

فِدًى لهُمُ نَفْسِي وأُمِّي فِدًى لهُمْ ... بِبُرْزَةَ إِذْ يَخْبِطْنَهُم بالسَّنَابِكِ

فإِن تَكُ نِسْوَانِي بَكَيْنَ فقدْ بَكَتْ ... كما قَدْ بَكَيْنَ أُمُّ كُرْزٍ ومالِكِ

وقال أَيضاً:

قَتَلْنَا مَالِكاً فابْكُوا علَيْهِ ... وما يُغْنِي من الجَزَعِ البُكَاءُ

وكُرْزاً قد تَركْنَاهُ صَرِيعاً ... تَسِيلُ على تَرَائِبِهِ الدِّماءُ

فإِنْ تَجْزَعْ لذَاكَ بنُو سُلَيمٍ ... فقد وَأَبِيهِم غُلِبَ العَزَاءُ

فصَبْراً يا عُصَيُّ كما صَبَرْنَا ... وما فِيكُمْ لوَاحِدِنا كِفَاءُ

فلا يبْعَدْ رَبيعةُ مِنْ نَديمٍ ... إِذَا لم تَنْدَ بالنَّوْءِ السَّمَاءُ

فكَمْ مِنْ غارةٍ ورَعِيلٍ خَيْلٍ ... تَدَارَكَهَا وقدْ حَمِسَ اللِّقَاءُ

ولمّا اتَّصل بيزيدَ بنِ عَمرِو بن خُوَيْلدِ بن الصَّعِق، أَخى بني نُفَيل بن عَمْرِو بن كِلاَبٍ، مَقْتَلُ مالكٍ وكُرْزٍ ومَن قُتِل من بني سُلَيم مِنْ رَكْبٍ لَقُوهُ، قالَ يَرْثِي مالِكاً، ويَحُضُّ عبّاساً الأَصَمَّ أَبا أَنَسٍ الرِّعْلِيّ، على بني فِرَاسٍ والطَّلَبِ بدمائهِم:

لعَمْري وما عَمْرِي عَلَى بهَيّنٍ ... لقدْ خبَّر الرَّكْبُ اليَمانِي فأَوجَعَا

نَعَوْا مَالِكاً فقُلْتُ ليس بمالكٍ ... ولم أَسْتَطعْ عن مَالِكٍ ثَمَّ مَدْفَعَا

<<  <   >  >>