مُرَبَّعَةً مَقسومةً بشباكها ... كتِمْثَال بَيْتِ الوَشْىِ حِيْكَ مُرَبَّعَا
تَقَاذَفُ عنها كلُّ مَلْسَاءَ حَدْرَةٍ ... تَمُرُّ مُروراً بالفَضَاءِ مُشَيَّعَا
يُحَاذِرُهَا العِفْريتُ عند انْصلاتِها ... فيُعْجِلُهُ الإِشفاقُ أَن يَتَسمَّعَا
كأَنّ بَنَاتِ الماءِ في صَرْحِ مَتْنِهِ ... إِذا ما عَلاَ رَوقُ الضُّحَى فتَرَفَّعَا
زَرَابىُّ كِسْرَى بَثَّهَا في صِحابِهِ ... ليُحْضِرَ وَفْداً أَو ليَجْمَعَ مَجْمَعَا
تُرِيك رَبيعاً في خَرِيفٍ ورَوْضةً ... على لُجَةٍ بِدْعاً من الأَمْر مُبْدِعَا
تَخَايَلَ فوقَ الماءِ زَهْواً كما زَهَت ... غَرَائرُ عينٍ ما يِلينَ تَصنُّعَا
وأَخْضَر كالطّاوُوس تَحسب رأْسَهُ ... بخَضْرَاءَ من مَحْضِ الحريرِ مُقنَّعَا
بنِيهُ بمنْقَارٍ عليه حَبَائِكٌ ... يُخيَّلْنَ في ضاحِيهِ جَزْعاً مُجَزَّعَا
يَلُوحُ على إِسْطامِهِ وَشْىُ صُفْرَةٍ ... تَرقَّشَ منها مَتْنُه فتلَمَّعَا
كمِلْعَقَةِ الصِّينِىّ أَخْدّمَهَا يَداً ... صَنَاعاً وإِن كانَتْ يدُ الله أَصْنَعَا
وعَيْنين حَمراوَيْنِ يَطْرفُ عنهما ... كأَنّ حجَاجَيْهِ بفَصَّيْن رُصِّعَا
طَرْفُ أَطرَافِ الجَنَاحِ تَخالُه ... بَنَانَ عَرُوسٍ باليُرَنَّا مُقَمَّعَا
ولإسحاق بن خلف في مثله:
قد أَسْفَرَ الصبْح وإِن لم يُسْفِر
فانْهَضْ فإِنَّ النُّجْحَ للمُبَكِّرِ
أَما تَرَى ضَوءَ الصَّباح الأَزْهَر
قد شَقّ سِرْبَالَ الظَّلامِ الأَخضرِ
وقد تَجلَّتْ نَعْسَةُ المُدَّثِّرِ
وقُرِّبَ الزَّورقُ فارْكَبْ تَعْبُرِ
فقامَ مثْلَ الشَّمسِ بينَ الأَبْدُرِ
كأَنّ في زَوْرَقِه المُقَيَّرِ
نُجُومَ ليْلٍ بَيْنَهُنَّ المُشْتَرِى
بفِتْيَةٍ عن الأَكُفِّ حُسَّرِ
قد قُلِّدُوا بالطّائفيّ الأَحْمَرِ
واسْتَخْلصُوا من بُنْدُقٍ مُدَوَّرِ
بنادِقاً من شَرِّ طِينٍ أَمْعَر
وشِقَقٍ صِيغَتْ بكَفَّىْ مَعْمَر
خُضْرِ الظُّهور في لِحَاءٍ أَصفرِ
كأَنّ في أَفْواهِها المُخَصّرِ
وفي مجاريهَا صَبيبَ عُصْفُرِ
ثُمّ افترقْنا بالكثِيب الأَعْفرِ
فِرْقَيْنِ مقسومَين عند المَعْبَرِ
من أَيْمَنٍ مُحْتَجنٍ وأَيْسَرِ
والطَّيرُ قد غَطَّيْنَ ماءَ الجَعْفَرِى
من بينِ صَفْراءَ وبينِ أَصْفَرِ
والثَّعْبُ يَتْرَى كنِظَامِ الجَوْهَرِ
والوَزُّ في آذِيِّهَا المُكَدرِ
زُرْقٌ مَآقِيهنّ لم تُحجَّرِ
تُبْدِى نَشِيجَ الهَائِم المُستَعبرِ
حتّى إِذا قُمْنَا قِيَامَ الأَزْوَرِ
ونهَضَتْ فقلْتُ خُذْ ذَا أَو ذَرِ
كأَنّ وَقْعَ البُنْدُقِ المُقَدَّرِ
فيَها وقدْ كَسّرَمَا لم يُجْبَرِ
وَقْعُ طُبُولٍ في نَوَاحِى عَسْكَرِ
لا يُرزَقُ الإِنْسَانُ ما لم يُقْدَر
ولعبد الله بن محمد في الجلاهق:
يا رُبَّ ضَحْضَاح قَريب المَشْرَعِ
مُطَّرِدٍ مثلَ السُّيُوفِ اللُّمَّعِ
مُحتَجرٍ عن الطريق المَهْيَعِ
مُجَلّلٍ بسَانحَاتٍ وُقَّعِ
من كُلّ مَوْشىِّ الطِّرَاز أَدْرَعِ
مُوشَّحٍ بمِرْطِه المُوَشَّعِ
أَو أَخْضرِ الرِّدْفِ طَريرٍ أَسْفَعِ
كأَنّ عَيْنَيْه ولمَّا يُهْرَعِ
فَصَّاعَقِيقٍ رُكِّبَا لإصْبَعِ
ذي جُمَّةٍ وَحْفٍ وفَرْقٍ أَفْرَعِ
قُرِّطَ حُسْناً بلالٍ أَرْبَعِ
وعِقْدِ دُرٍّ حَوْلَ جيدٍ أَتْلَعِ
فهْوَ لِعَينِ النّاظرِ الممَتَّعِ
كصَنَمٍ بجَوْهَرٍمُرَصَّعِ
وَرَدْتُه قَبْلَ انْتِباهِ الهُجَّعِ
بكلِّ جَذّامِ النُّهَى سَمَعْمَعِ
مُنْتَبِذِ المَرْمَى سَريعِ المَنْزَعِ
يَهْدِى بُنَيَّاتِ الدَّواهِى النُزَّعِ