للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينفى الصَّدَى عن رَوْضةٍ نَفَحاتُهَا ... أرَجٌ وبَرْدٌ يَشْفيَانِ من الصَّدَى

كَمُلتْ مَحَاسِنُهَا فنَشْرٌ يُرْتَضَى ... وفَوَاكهٌ تُجْنَى وظِلٌ يُرتْدى

وله أيضاً:

كأنَ دُولابَها إذْ حنَّ مُغْتَرِبٌ ... ناءٍ يَحِنُّ إلى أَوْطَانِه طَربَا

باك إذَا عقَّ زَهْرَ الرَّوْضِ وَالدُهُ ... مِن الغمامِ غَدَا فيهِ آباً حَدِبَا

مُشمِّرٌ في مَسيرٍ ليس يُبْعِدُهُ ... عن المَحَلِّ ولا يُهْدى له تَعَبَا

ما زالَ يَطْلبُ رِفْد البَحْرِ مُجْتهِداً ... للْبَرِّ حتّى ارْتَدى النُّوَّارَ والعُشبَا

وللصَّنوبريّ:

فلكٌ من الدُّولابِ فيه كَواكبٌ ... من مائِهِ تَنْقَضُّ ساعَةَ تَطْلُعُ

مُتَلوِّنُ الأَصْواتِ يَخْفِضُ صَوتَه ... بغِنَائِهِ طَوْراً وطَوْراً يَرْفَعُ

أبَداً حنينُ الذِّئْبِ فيه مُرَدَّدٌ ... أبَداً زئيرُ اللَّيْثِ فيه مُرَجَّعُ

كم صُوِّبت فيه سُمَاريَّةٌ ... مُوجِفَةٌ كالنِّقْنقِ النّافِرِ

ونَعرَتْ بالماءِ ناعورةٌ ... حَنينُهَا كالبَرْبَطِ النَّاعِرِ

وتارةً تَحْسبُها قيْنَةً ... تُردِّدُ اللَّحْنَ على زَامِرِ

كأنَّما كيزانُهَا أنْجمٌ ... دائرةٌ في فَلَكٍ دائِرِ

ويدخل في هذا البات ما جاء في العروب والأرحية فمن ذلك ما أنشدناه أبو القاسم العلويّ لأبي طالب الحسين ابن عليّ الأنطاكيّ:

وابْنةِ بَرٍّ لم تَبِنْ عن زُهْدِ

أضْحَى بها البَحْرُ قَرِيبَ عَهْدِ

تعَافُهُ وهْوَ زُلالُ الوردِ

فليْسَ تَحْبُوهُ بصفْوِ الوُدِّ

إلاّ برَبْطٍ عندَه وشَدِّ

لمّا نَضَتْ مَلاحِفَ الإفرِنْدِ

واتَّشحَتْ من الدُّجى ببُرْدِ

تَوسَّطَتْ سَكْرَ صَفيحٍ صَلْدِ

فأشْبَهَتْ وَاسطَةً في عِقْدِ

مُطلَّةً علىرِكَابِ الوَفْدِ

كأنّهَا أمُّ النّعامِ الرُّبْدِ

عَجَاجُها شَيْبُ بَنِيها المُرْدِ

وَاجِدّةٍ بالبَرِّ أيَّ وَجْدِ

تذكَّرتْ طِيبَ ثَرَاه الجعْدِ

أيّامَ تُغْذَى بجَنىً كالشُّهْدِ

ولَمْعِ بَرْقٍ وحَنينِ رَعْدِ

فَهْيَ تُعيدُ أَنَّةً وتُبْدِي

كما يَئنُّ مُوثَقٌ في العِدِّ

لولا امْتِدَادُ الطُّنُب المُمْتَدِّ

لشَمَّرَتْ تَشمِيرَ ذاتِ الجِدِّ

فصافَحَتْ خَدَّ الثَّرَى بخَدِّ

وأنشدني للحلبيّ:

ويا نغم العُرُوبِ إذا تَوَالتْ ... فوَالَتْ بيْنَ طِيبِ النَّغْمَتَيْنِ

وَموْفِفُنا بصَفَّيْهَا كأنَّا ... لدَى صَفَّيْ نعَامٍ وَاقِعَيْنِ

طُيُورٌ وَاقِعَاتٌ طائِرَاتٌ ... فيَالكَ مَنْظَراً ذا مَنْظَرَيْنِ

بأجْنِحَةٍ لهَا في الصَّحُو نَوْءٌ ... يُقَصِّرُ عنه نوْءُ المِرْزَمَينِ

ويذكر فيها السُّفُن فيقول:

ويا سُفَنَ الفُرَاتِ بحَيْث تَهْوِى ... هُوِىَّ الطَّيْرِ بينَ الجَلْهَتَينِ

تَطَارَدُ مُقْبِلاتٍ مُدبِرَاتٍ ... على عَجَلٍ تَطارُدَ عَسْكَرَينِ

وأنشدني للأنطاكيِّ من قصيدة:

وللمَاءِ مِن حَولِنا ضَجَّةٌ ... إذا المَاءُ كافحَ تلك العُرُوبَا

حِبَالٌ تُؤَلِّفُها حِكْمةٌ ... فتَنْحُو البِحَارَ بها لا السُّهُوبَا

تُقَابِلُنا في قميصِ الدُّجَى ... إذا الأفْقُ أصبح منه سليبَا

حَيَازيمُها الدَّهْرَ منْصُوبةٌ ... تُعانِقُ للمَاءِ وَفْداً غَريبَا

عَجِبْتُ لهَا شاحِبَاتِ الخُدو ... دِ لمْ يُذْهِبِ الرِّىُّ عنْهَا الشُّحُوبَا

إذا ما هَممنَا بغشْيَانها ... رَكِبْنا لَها وَلَداً أو نَسِيبَا

يُجاوِرُها كُلُّ سَاعٍ يُرَى ... وإنْ جَدَّ في السَّيْرِ منها قَرِيبَا

<<  <   >  >>