للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقُولُ وقد راحَ السَّفِينُ مُلَجِّجاً ... وقد بَعُدتْ بعْدَ التَّفرُّقِ دُورُ

وقد عَصَفَتْ ريحٌ من الموت قاصِفٌ ... وللْبَحْرِ مِنْ تَحْتِ السَّفينِ هَدِيرُ

ألاَ ليتَ أَجْرِى والعطاءَ صَفَا لكم ... وحَظِّى حَطُوطٌ في الزِّمَام وكُورُ

فلِلّه رَأْىٌ قادَنِى لسفينَةٍ ... وأَخضَرَ مَوَّارِ السَّرَابِ يَمُورُ

تَرَى مَتْنَه سَهْلاً إذا الرِّيحُ أَقلَعتْ ... فإنْ عَصَفَتْ فالسَّهْلُ منه وُعُورُ

ومن حسن ما قيل في ذلك قول مسلم بن الوليد الخزرجي:

ومُلْتطِمِ الأَمْوَاج يَرْمِى عُبَابُهُ ... بجَرْجَرَةِ الآذىّ للعِبْرِ والعِبْرِ

مُطعَّمة حِتانُه ما يَهُمُّهَا ... مآكلُ زادٍ من غَرِيقٍ ومن كَسْرِ

إذا أَعنَقَتْ فيها الشَّمَالُ تكفَّأَتْ ... جَوَارِيه أو قامَتْ مع الرِّيح لا تَجْرِى

كأنّ مَدَبَّ الرّيحِ في جَنْبَاتهَا ... مَدَبُّ الصَّبَا بين الرّغابِ من العُفْر

كَشفتُ أَهاوِيلَ الدُّجَى عن مَهُولةٍ ... بجَارِيةٍ مَحْمُولةٍ حَاملٍ بِكْرِ

لَطَمْتُ بخَدَّيها الحَبَابَ فأَصْبَحَتْ ... مُوَقَّفةَ الدَّايَاتِ مَرْثُومةَ النَّحْرِ

إذا أقبلَتْ رَاعَتْ بقُنَّةِ قَرْهَبٍ ... وإنْ أَدْبرَتْ رَاقَتْ بقَادِمَتَىْ نَسْرِ

تَجافَى بها البُوصِىُّ حتَّى كأنَّها ... تَسِيرُ من الإشفاق في جَبلٍ وَعْرِ

فحَامتْ وَجِيفاً ثمَّ مَرَّتْ كأنَّهَا ... عُقابٌ تَدَلَّتْ من هُوِىٍّ إلى وَكْرِ

هذا البيت مأخوذ من قول الأخطل في فرسٍ:

فظَلَّ يُفَدِّيها وظَلَّتْ كأنَّهَا ... عُقَابٌ دَعاهَا جُنْحُ لَيْلٍ إلى وَكُرِ

أنَافَ بهادِيها ومَدَّ زِمَامَها ... شَديدُ عِلاَجِ الكَفّ مُعتمِلُ الظَّهْرِ

إذَا ما عَصَتْ أرخَى جَرِيرٌ لرَأْسها ... فمَلَّكها عِصْيانَها وهْي لا تدْرِي

كأنّ الصَّبَا تَحْكِى بها حينَ وَاجَهتْ ... نَسِيمَ الصَّبَامَشْىَ العَرُوسِ إلى الخِدْرِ

وقال الوليد بن عبيد في أحمد بن دينارِ:

ولمَّا تَولَّى البَحْرَ والجُودُ صِنْوُهُ ... غَدَا البَحْرُ من أَخْلاقِه بَيْن أَبْحُرِ

غدَوْتَ على الميمون صُبْحاً وإنّما ... غَدَا المَرْكبُ الميمونُ تحتَ المظفَّرِ

أظلَّ بعِطْفَيْهِ ومَرَّ كأنَّمَا ... تَشوَّفُ من هَادِى حِصَانٍ مُشهَّرِ

إذا زمْجرَ النُّوتِىُّ فوْق عَلاَتِهِ ... رأيْتَ خَطِيباً في ذُؤابَةِ مِنْبَرِ

إذا عَصفَتْ فيه الجَنُوبُ اعْتَلَى له ... جَناحَا عُقَابٍ في السَّمَاءِ مُهَجَّرِ

إذَا ما انْكفَى في هَبْوَةِ المَاءِ خِلْتَه ... تَلفَّعَ في أَنْنَاء بُرْدٍ مُحَبَّرِ

وحَوْلك رَكّابونَ للهوْلِ عَاقَرُوا ... كُؤوسَ الرَّدَى من دَارِعِينَ وحُسَّرِ

يَسُوقُونَ أُصطولاً كأَنَّ سَفِينَهُ ... سَحائبُ صَيْفٍ من جَهَامٍ ومُمْطِرِ

كأنّ ضَجِيجَ البَحْرِ بين رِمَاحهمْ ... إذا اخْتَلَفتْ تَرْجِيعُ عَوْدٍ مُجَرْجِرِ

وقول المَرْيَمِىِّ: أحسنُ ما قيل ١٢٨ الف في السُّفُن والمَراكِب:

لمْ نزَلْ مُشفِقِين مُذْ قِيلَ سارتْ ... بك دُهْمٌ قَلِيلَةُ الأَوْضاحِ

كلُّ مَبْطُوحَةٍ خَلَتْ من شَوًى عَبْ ... لٍ ومِن حافرٍ أَقَبَّ وقَاحِ

أَصْلُها البَرُّ وهي ساكنةٌ في ال ... بَحْرِ سُكْنَى إقَامةٍ لابَرَاحِ

هيَ في المَاءِ وهْي صِفْرٌ من الما ... ءِ سِوى نَضْجِ مَوْجِهَا النَّضَّاحِ

وإذَا أُوقِرَتْ فذاتُ وَقَارٍ ... وإذا أُخْلِيَتْ فذَاتُ مرَاحٍ

<<  <   >  >>