للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِن طَلَبِ الصَّيْدِ ولا حَسِيرَا

ولا تَشكَّى الأَيْنَ والفُتُورَا

بهِ يَصِيدُ الشادِنَ الغَرِيرَا

ما هَانَ مَن يَمْلِكُهُ الدُّهورَا

ولعبد الصَّمد بن المعذَّل في الصقر:

وعازبٍ باكَرَه الغُرُّ الفُرُطْ

تَخايَلَ النَّبْتُ به الجَعْدُ القَطَطْ

نُوّارُه مثلُ الذُّبَال قد سُلِطْ

كأَنّما الوَشَىُ عليه قد بُسِطْ

قال له الغَيثُ من الرُّوَّادِ مِطْ

للطّيْرِ فيه آنِفَ اليَوْمِ لَغَطْ

رَطَانةَ الزُّطِّ إِذا لاقَين زُطّْ

من كُلّ عَفْرَاءَ بدَفَّيْها رَقَطْ

وبذَنابَاها وبالجيد نُقَطْ

والجَنَاحَين وبالرأْسِ خُطَطْ

كأَنّ دِيباجاً عليها لم يُخَطْ

أَوْفَيْتُ والمَيْسَانُ من نَوْمٍ يَغِطّْ

والليْلُ بالصُّبْح مَلوثٌ مُختلِطْ

بصَادِقِ اللَّحْظِ قُطَامىٍّ سَلِطْ

أَفْتَى رَحِيبِ الشِّبْر مَحبوكٍ سَبِطْ

ما يَلْقَ بالْمِخْلَب من مَسْكٍ يَعُطّْ

حتّى إِذا حُدَّ مِقَاطٌ فنَشِطْ

وخُرِطَ المَوْتُ عَلَيْهَا إِذ خُرِطْ

ومَرَّ يَهْوِى كالحُسَامِ المُمْتَعِطْ

قَذَفْن ذَرْقاً كعَثَانِينِ الشُّمُطْ

يَصُكُّها صَكاً دِرَاكاً ويَحْطّْ

أَما رَأَيْتَ النارَ في الحَلْفَاءَ قَطّْ

فازَ امرؤُ حالَفَ صَقْراً واغْتبَطْ

ولشرشير في الصقر:

نَغْدُو بصَقْرٍ كُرَّز مُوَهّلِ

مُدَرَّعٍ دِرْعَ حَرِيرٍ مُخْمَلِ

مُفَوَّفٍ مُجَزَّعٍ مُرَحَّلِ

كأَنَّه في قَرْطَقٍ مُفَصَّلِ

مُنَمَّرِ الأَعْلَى حَصِيفِ الأَسْفَلِ

يَرُوق في الناظِر عيْنَ المُجْتَلِى

يَسْبِق عَفْواً مُنْيَةَ المُؤَمِّلِ

يَنْسُرُ بالمِنْسَرِ كلَّ مُعْجلِ

كأَنّه يَنْجُلُه بمِنْجَلِ

وله أيضاً:

أَنعَتُ صَقْراً يَفْرِسُ الصُّقُورَا

ويَنْسُرُ العِقْبَانَ والنُّسُورَا

يَجْتَابُ بُرْداً فَاخِراً مَطروراً

مُسَيَّراً بكِفَفٍ تَسْيِيرَا

وقد تَقَبَّى تَحتَه حَرِيرَا

يُضَاعِفُ الوَشْىُ به التَّنْمِيرَا

مُنْعَرِجاً فيه ومُسْتدِيرَا

كما يَضمُّ الكاتبُ السُّطورَا

كأَنّه قد مُلِّك التصويرَا

لنَفْسِه فأَحْسَنَ التَّقدِيرَا

تَرومُ منه أَسَداً هَصورَا

كأَنّ في مُقلَتِه سَعِيرَا

تَخالُه من قَلَقٍ مذعورَا

ذا حَذَرٍ يستوضِحُ الأُمُورَا

تَرَى الإِوَزَّ منه مُستَجِيرَا

يُناكِبُ الضَّحْضاحَ والغَديرَا

يُثْبِتُ في أَحشائِهَا الأُطْفورَا

خَطْفاً تَرَاهُ مُهْلِكاً مُبِيرَا

يَنتَظِمُ الأَسْحَارَ والنُّحورَا

إِذا تَشظَّتْ زُمَراً نُفُورَا

أَعْجَلَها من قَبْل أَن تَحُورَا

وله في الصقور:

قد أَغْتدِى وعُيُونُ الفَجْرِ وَاسِنَةٌ ... والشّمْسُ راقِدَةٌ عن عَينِ باغِيهَا

بالمضْرَحِيَّاتِ يَحْتَثُّ النِّزَاعُ بها ... كالأُسْد تَذعَرُها والنَّارِ تُذْكِيهَا

حُجْنٍ مَنَاسِرُهَا عُقُفٍ أَظافِرُها ... كأَنَّهَا من حَدِيدٍ رُكِّبتْ فيهَا

كأَنّ أَعيُنَهَا جَزْعٌ تُطِيفُ بهِ ... دَارَاتُ تِبْرٍ أُذِيبَتْ في مَآقِيهَا

تُدِيرُهَا بحَمَالِيقٍ مُزيِّلَةٍ ... عنها قَذَاهَا فتُخْفِيَها وتُبْدِيهَا

تكادُ تَعْرِفُ في عَيْنَىْ مُعَلَّمِهَا ... أَوَامِراً من ضَمِيرِ القَلْبِ يُوحِيهَا

أَسُومُهَا لُجّةً لاحَتْ مَشَارِعُهَا ... وانْصَاعَ جَدْوَلُهَا وارْتَجَّ طَامِيهَا

فيها من الطَّيْرِ أَنواعٌ مُصنَّفَةٌ ... سُبحانَ مُبْدِعِها فنيا ومُنْشِيهَا

مُدبَّجات بأَلْوَان مُذهَّبَة ... مَوْشِيّة برُقومٍ جَلَّ وَاشِيهَا

كأَنّهنَ رِيَاضٌ بينَهَا زَهَرٌ ... يَحُفُّ بُطْنَاَنَهَا منها ضَوَاحِيَها

مُطَرّزَات بأَعْلام مُنَيَّرَة ... كالجزْعِ تَنْشُرُهَا حالاً وتَطْوِيهَا

<<  <   >  >>