للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الذي جمَّع السماحة ... والنجدة والبرَّ والتُقى جُمعا

الألمعي الذي يظن لك ... الظن كأن قد رأى وقد سمعا

قال الصولي: ولاأعرف ابتداء بعد هذه أحسن من أبتداء أبي تمام في مرثيته " من الطويل ":

أصم بك الناعي وإن كان أسمعا

وقال: ماقالت العرب بيتاً أبرع من قول أبي ذؤيب " من الكامل ":

والنفس راغبةٌ إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع

وقال: ماقالت أمدح من قول الشاعر " من الطويل ":

تراه إذا ما جئته متهللاً ... كأنك تعطيه الذي أنت سائله

وأنشد أبو عمرو لجابر بن رالان وهو أحسن ماوصف به الماء " من الطويل ":

أيا لهف نفسي كلما التحت لوحة ... على شربة من ماءٍ أحواض مأرب

بقايا نطاف أودع الغيم صفوها ... مصقلة الأرجاء زرق المشارب

ترقرق ماء الحسن فيهن والتوت ... عليهن أنفاس الرياح الغرائب

قال: ولم أسمع في وصف الماء أحسن من قول امرئ القيس " من الطويل ":

فلما استطابوا صب في الصحن نصفه ... وجئ بماءٍ غير طرقٍ ولاكدر

بماء سحاب زلَّ عن متن صخرة ... إلى جوف أخرى طيب طعمه خصر

وكان يستحسن قول الشاعر " من الطويل ":

وتهجره إلا اختلاساً بلحظها ... وكم من محب رهبة الناس هاجر

وقال الجرمي: كيف بأبي عمرو لو سمع قول ابن الدمينة " من الطويل ":

بنفسي من لابد أني هاجره ... وأني في الميسور والعسر ذاكره

ومن قد رماه الناس حتى أتقاهم ... ببغضي إلا ما تجن ضمائره

وقال أبو عمرو: وأحسن ماقيل في الصبر " من الطويل ":

تقول: أراه بعد عُروة لاهياً ... وذلك رزءٌ ماعلمت جليل

فلا تحسبي أني تناسيت عهده ... ولكنَّ صبري يا أميم جميلُ

قال الاصمعي: وأنا أقول: أحسن ماقيل في الصبر قول أبي ذؤيب " من الكامل ":

وتجلدي للشامتين أريهم ... أني اريب الدهر لاأتضعضع

حتى كأني للحوادث مروة ... بلوى المشقر كل يومٍ تقرع

وسمع أبو عمرو رجلاً ينشد " من الخفيف ":

أصبر النفس عند كل مهم ... إن في الصبر حيلة المحتال

لاتضيقن في الأمور فقد ... يكشف غماؤها بغير احتيال

ربما تجزع النفوس من الأمر ... له فرجة كحل العقال

وكان قد خرج يريد الانتقال وهو مختف من الحجاج فقال: ماالأمر؟ قال: مات الحجاج. قال: فلم أدر بأيهما أنا أفرح بموت الحجاج أم بقوله فرجة؟ وكنا نقول: فرجة من الفرج وغيره. قال الأصمعي: بالفتح من الفرج وبالضم فُرجة الحائط.

دخل أبو عمرو على سليمان بن علي، فسأله عن شئ، فصدقه، فلم يعجب ذلك سليمان، فخرج أبو عمرو متعجباً من كساد الصدق عندهم ونفاق الكذب، فقال " من المتقارب ":

أنفت من الُّل عند الملوك ... وإن أكرموني وإن قربوا

إذا ما صدقتهم خفتهم ... ويرضون مني بأن يكذبوا

قال أبو عبيدة: فكنا نرى أن الشعر له. - قال أبو عمرو: وسمعت هاتفاً يقول في بعض الأدوية " من الطويل ":

وإن أمرأ دنياه أكبر همه ... لمستمسك منها بحبل غرور

وقال عبد الله بن عتمة الضبي يرثي بسطام بن قيس الشيباني لما قتلته ضبة، ويصف قسمته الغنائم في أصحابه إذا أصابها " من الطويل ":

لك المرباع منها والصفايا ... وحكمك والنشيطة والفضول

قال أبو عمرو: المرباع أن يكون له ربع الغنيمة، والصفايا ما اصطفى لنفسه من الغنيمة، وحكمك يقول: لك أن تحكم في الغنيمة بما أحببت، والنشيطة ما انتشط دون الحي الذي يطلب فيه فهو له، إن شاء قسم لهم وإن شاء أخذ لنفسه، والفضول إذا قسم الغنائم على أصحابه ففضلت فضلة لا تنقسم مثل بعير وبعيرين وثلاثة لايقع فيها قسم فهي له. قال أبو عمرو: فجاء الله بالإسلام بالخمس فأبطل المغانم كلها.

وقال: كان لبيد مجبراً والأعشى عدلياً، وأنشد قول لبيد " من الرمل ":

من هداه سُبل الخير اهتدى ... ناعم البال ومن شاء أضل

وأنشد للأعشى " من المنسرح ":

استأثر الله بالوفاء ... وبالعدل وولَّى الملامة الرجلا

<<  <   >  >>