أضحى عزيزاً عظيم الشأن مشتهراً ... في خده صعر قد ضل محتجبا
العلم كنز وذخر لانفاد له ... نعم القرين إذا ما صاحب صحبا
قد يجمع المرء مالاً ثم يسلبه ... عما قليل فيلقى الذل والحربا
وجامع العلم مغبوط به أبدا ... ولا يحاذر منه الفوت والسلبا
يا جامع العلم نعم الذخر تجمعه ... لاتعدلن به درّا ولاذهبا
وقال:
وإذا وعدت الوعد كنت كغارم ... ديناً أقرّ به وأحضر كاتبا
حتى أنفذه كما وجهته ... وكفى عليَّ له بنفسي طالبا
وإذا منعت منعت منعاً بيتنا ... وأرحت من طول العناء الراغبا
لاأشتري الحمد القليل بقاؤه ... يوما بذم الدهر أجمع واصبا
وقال:
إذا لم يكن للمرء عقل فإنه ... وإن كان ذا مال على الناس هين
وإن كان ذا عقل أجل لعقله ... وأفضل عقل عقل من يتدين
وقال:
وعدد من الرحمان فضلا ونعمة ... عليك إذا ماجاء للخير طالب
وأن أمرا لايرتجى الخير عنده ... يكن هيناً ثقلاً على من يصاحب
أرى دولاً هذا الزمان بأهله ... وبينهم فيه تكون النوائب
فلا تمنعن ذا حاجة جاء طالباً ... فإنك لاتدري متى أنت راغب
وإن قلت في شيء نعم فأتمه ... فإن نعم دين على الحر واجب
وإلا فقل: لا، واسترح وأرح بها ... لكيلا يقول الناس: إنك كاذب
إذا كنت تبغي شيمة غير شيمة ... جبلت عليها لم تطعك الضرائب
تخلق أحيانا إذا ما أردتها ... وخلقك من دون التخلق غالب
وقال:
إا ضاق صدر المرء عن سر نفسه ... ففاض ففي صدري لسري متسع
إذا فات شيء فاصطبر لذهابه ... ولاتتبعن الشيء إن فاتك الجزع
ففي اليأس عما فات عزٌ وراحة ... وفيه الغنى والفقر ياضافي الطمع
إذا صاحبا وصل بحبل تجاذبا ... فمل قواه أوهن الحبل فانقطع
ولاتحفرن بئراً تريد أخا بها ... فإنك فيها أنت من دونه تقع
وكلُّ امرئ يبغي على الناس ظالماً ... تصبه على رغم عواقب ما صنع
وذكرت العمائم عنده، فقال: العمامة خير ملبوس: جنة في الحروب وواقية في الأحداث، مسكنة من الحر ومدفئة من البرد، وقار في الندي وزيادة في القامة، وهي تعد من تيجان العرب.
وقال لابن قيس الرقيات:
وما خصلة قد تذل الرجال ... بأسوأ وأخزى من المسأله
فإن مت ضراً فلا تسألن ... أخا الجهل من ماله خردله
فترجع من عنده نادماً ... وتقطع من كفك الأنمله
وإن هو أعطاك مجهوده ... فليس بأعطى من المكحله
وقال:
وما طلب المعيشة بالتمني ... ولكن ألق دلوك في الدلاء
تجئك بملئها يوماً ويوما ... تجئ بحماة وقليل ماء
ولاتقعد على كسل التمني ... تحيل على المقادر في القضاء
فإن مقادر الرحمان تجري ... بأرزاق العباد من السماء
مقدرة بقبض أو ببسط ... وعجز المرء من سبب البلاء
وبعض الرزق في دعة وخفض ... وبعض الرزق يكسب بالعناء
بينا أبو الأسود يوماً في طريق إذ لقيته امرأة لها رواء، فقالت: يا أبا الأسود، هل لك فيّ؟ قال: ومن أنت؟ قالت: فلانة ابنة فلان. فعرفها فتزوجها؛ فلما مضت عليه أيام استكتمها سرا، فأفشته، فنهاها، ثم عادت لمثل مانهاها، فقال لها: أصنعي طعاما وابعثي إلي إخوتك حتى يأتوك! فلما جاؤوا وأكلوا وقف أبو الأسود عليهم وقال:
أرأيت امرأ كنت لم أبله ... أتاني فقال: اتخذني خليلا
فخاللته ثم صافيته ... فلم أستفد منه يوماً فتيلا
فعاتبته ثم ناقرته ... عتاباً رفيقاً وقولاً جميلا
فألفيته حين خاللته ... خؤون الأمانة خبا بخيلا