للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يطير، لوُجُود جُزْء من الطيران فِيهِ، وَإِن وضعت لتدل على تراخي الْفِعْل ووقوعه فِي الزَّمَان الْمُسْتَقْبل، فَإِذا وَقعت بعد كَاد نافت مَعْنَاهَا الدَّال على اقتراب الْفِعْل، وَحصل فِي الْكَلَام ضرب من التَّنَاقُض، وَلَيْسَ كَذَلِك عَسى، لِأَنَّهَا وضعت للتوقع الَّذِي يدل وضع أَن على مثله، فوقوع أَن بعْدهَا يُفِيد تَأْكِيد الْمَعْنى، ويزيده فضل تَحْقِيق وَقُوَّة، وَقد نطقت الْعَرَب بعدة أَمْثَال فِي كَاد ألغيت أَن فِي جَمِيعهَا، فَقَالُوا: كَاد الْعَرُوس يكون ملكا، وَكَاد المنتعل يكون رَاكِبًا، وَكَاد الْحَرِيص يكون عبدا، كَاد النعام يكون طيرا، وَكَاد الْفقر يكون كفرا، وَكَاد الْبَيَان يكون سحرًا، وَكَاد الْبَخِيل يكون كَلْبا، كَاد السيء الْخلق يكون سبعا.

وَفِيمَا يرْوى من خزعبلات الْعَرَب أَن امْرَأَة من الْجِنّ قصدت لمحاجاة الْعَرَب، فَكَانَت تقف على كل محجة، وتحاجي كل من تَلقاهُ فَلَا يثبت لمحاجاتها أحد، إِلَى أَن تعرض لَهَا أحد فتيَان الْعَرَب فَقَالَ لَهَا: حاجتتك، فَقَالَت: قل، فَقَالَ لَهَا: كَاد، قَالَت: كَاد الْعَرُوس يكون ملكا، فَقَالَ لَهَا: كَاد، قَالَت: كَاد المنتعل يكون رَاكِبًا، فَقَالَ لَهَا: كَاد، قَالَت: كَاد النعام يكون طيرا، ثمَّ أمسك.

فَقَالَت لَهُ: حاجيتك، قَالَ لَهَا قولي: قَالَت: عجبت، قَالَت: عجبت للسبخة كَيفَ لَا يجِف ثراها وَلَا ينْبت مرعاها، فَقَالَت: عجبت، قَالَ: عجبت للحصى كَيفَ لَا يكبر صغاره، وَلَا يهرم كباره، قَالَت: عجبت: قَالَ: عجبت

<<  <   >  >>