قَالَ الْمُؤلف: والمستحسن فِي مثل هَذَا قَول يحيى بن أَكْثَم لِلْمَأْمُونِ وَقد سَأَلَهُ عَن أَمر، فَقَالَ: لَا وأيد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ.
وَحكي أَن الصاحب أَبَا الْقَاسِم بن عباد حِين سمع هَذِه الْحِكَايَة قَالَ: وَالله لهَذِهِ الْوَاو أحسن من واوات الأصداغ فِي خدود المرد الملاح.
وَمن خَصَائِص لُغَة الْعَرَب إِلْحَاق الْوَاو فِي الثَّامِن من الْعدَد، كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن: {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بِالْمَعْرُوفِ والناهون عَن الْمُنكر} ، وكما قَالَ سُبْحَانَهُ: {سيقولون ثَلَاثَة رابعهم كلبهم وَيَقُولُونَ خَمْسَة سادسهم كلبهم رجماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَة وثامنهم كلبهم} .
وَمن ذَلِك أَنه جلّ اسْمه لما ذكر أَبْوَاب جَهَنَّم ذكرهَا بِغَيْر وَاو، لِأَنَّهَا سَبْعَة، فَقَالَ: {حَتَّى إِذا جاؤوها فتحت أَبْوَابهَا} ، وَلما ذكر أَبْوَاب الْجنَّة ألحق بهَا الْوَاو لكَونهَا ثَمَانِيَة، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {حَتَّى إِذا جاؤوها وَفتحت أَبْوَابهَا} ، وَتسَمى هَذِه الْوَاو وَاو الثَّمَانِية.
وَمِمَّا يَنْتَظِم أَيْضا فِي إقحام الْوَاو مَا حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج، قَالَ: سَأَلت أَبَا الْعَبَّاس الْمبرد عَن الْعلَّة فِي ظُهُور الْوَاو فِي قَوْلنَا: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك.
فَقَالَ: إِنِّي قد سَأَلت أَبَا عُثْمَان الْمَازِني عَمَّا سَأَلتنِي عَنهُ، فَقَالَ: الْمَعْنى سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك سبحتك.
[١٨] وَيَقُولُونَ ذهبت إِلَى عِنْده، فيخطئون فِيهِ، لَان عِنْد لَا يدْخل عَلَيْهِ من أدوات الْجَرّ إِلَّا من وَحدهَا، وَلَا يَقع فِي تصاريف الْكَلَام مجروراً إِلَّا بهَا، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {قل كل من عِنْد الله} وَإِنَّمَا خصت من بذلك لِأَنَّهَا أم حُرُوف الْجَرّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute