للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَعند قوم أَن وضع نعم وَبئسَ للاقتصار فِي الْمَدْح والذم، وَلَيْسَ كَذَلِك بل وضعهما للْمُبَالَغَة، أَلا ترى إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي تمجيد ذَاته وتعظيم صِفَاته: {واعتصموا بِاللَّه هُوَ مولاكم فَنعم الْمولى وَنعم النصير} وَإِلَى قَوْله سُبْحَانَهُ فِي صفة النَّار توعد بهَا الْكفَّار: {ومأواهم جَهَنَّم وَبئسَ المهاد} .

وَحكى أَبُو الْقَاسِم بن برهَان النَّحْوِيّ أَنه كَانَ لِشَرِيك بن عبد الله النَّخعِيّ جليس من بني أُميَّة فَذكر شريك فِي بعض الْأَيَّام فَضَائِل عليّ رضوَان الله عَلَيْهِ، فَقَالَ ذَلِك الْأمَوِي: نعم الرجل عليّ، فأغضبه ذَلِك، وَقَالَ لَهُ: ألعليّ يُقَال: نعم الرجل فَأمْسك حَتَّى سكن غَضَبه، ثمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عبد الله، ألم يقل الله تَعَالَى فِي الْإِخْبَار عَن نَفسه: {فقدرنا فَنعم القادرون} ، وَقَالَ فِي أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نعم العَبْد إِنَّه أواب} ، وَقَالَ فِي سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: {وَوَهَبْنَا لداود سُلَيْمَان نعم العَبْد إِنَّه أواب} ، أَفلا ترْضى لعَلي بِمَا رَضِي الله تَعَالَى لنَفسِهِ ولأنبيائه فَتنبه شريك عِنْد ذَلِك لوهمه، وزادت مكانة ذَلِك الْأمَوِي من قلبه.

[١٣٦]- وَيَقُولُونَ لضد الذّكر: النسْيَان بِفَتْح النُّون وَالسِّين فيوهمون فِيهِ، لِأَن النسْيَان تَثْنِيَة النسا، وَهُوَ الْعرق الَّذِي فِي الْفَخْذ، فَأَما الْمصدر من نسي فَهُوَ النسْيَان على وزن فعلان مثل الْعرْفَان والكتمان، فَإِن جَاءَت مصَادر فِي كَلَام الْعَرَب على فعلان بِفَتْح الْفَاء وَالْعين، فَهِيَ مِمَّا يخْتَص بالحركة وَالِاضْطِرَاب، كالوخدان والذملان واللمعان والضربان.

وَمن غَرِيب مَا جَاءَ على فعلان قَوْلهم فِي جمع كروان: كروان

<<  <   >  >>