للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَجَازَ بَعضهم أَن تلْحق الْهَاء فِي عدده اعْتِبَارا بِمَعْنى واحده لَا بِلَفْظ جمعه، فَيُقَال: ثَلَاثَة سجلات وَخَمْسَة حمامات، لِأَن وَاحِدهَا سجل وحمام، وَكِلَاهُمَا مُذَكّر، كَمَا يُقَال: ثَلَاثَة طلحات وَخَمْسَة حمزات، فَأَما حكم بطات وحمامات، فَعِنْدَ أَكْثَرهم أَن الِاعْتِبَار فِيهَا بِاللَّفْظِ، فَيُقَال: عِنْدِي ثَلَاث بطات ذُكُور، لِأَن لَفْظَة البطة مُؤَنّثَة وَإِن وَقعت على مُذَكّر، فَلهَذَا وَجب أَن يجرد الْعدَد فِيهَا من الْهَاء وَكَذَلِكَ لما كَانَ الْغَالِب على الْمَجْمُوع بِالْألف وَالتَّاء أَن يكون مؤنث الَّذِي تجرد عدده من الْهَاء لحق بِهِ مَا جمع عَلَيْهِمَا من جنس الْمُذكر، ليطرد الحكم فِيهِ، وَيسلم أَصله المنعقد من نقض يَعْتَرِيه.

وَذكر بَعضهم أَنه يُرَاعِي الأسبق من الْمُفَسّرين فَإِن قَالَ: عِنْدِي ثَلَاث بطات ذُكُور، جرد الْعدَد من الْهَاء لتقدم الْمُفَسّر الْمُؤَنَّث، وان قَالَ: عِنْدِي ثَلَاثَة ذُكُور من البط أَثْبَتَت الْهَاء لتقدم الْمُفَسّر الْمُذكر.

[١٩٨] وَمن أوهامهم، الزارية على افهامهم العاكسة معنى كَلَامهم أَنهم لَا يفرقون بَين معنى نعم وَمعنى بلَى، فيقيمون إِحْدَاهمَا مقَام الْأُخْرَى، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن نعم تقع فِي جَوَاب الاستخبار الْمُجَرّد من النَّفْي، فَترد الْكَلَام الَّذِي بعد حرف الِاسْتِفْهَام: كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا قَالُوا نعم} ، لِأَن تَقْدِيره: وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا، وَأما بلَى فتستعمل فِي جَوَاب الاستخبار عَن النَّفْي، وَمَعْنَاهَا إِثْبَات الْمَنْفِيّ، ورد الْكَلَام من الْجحْد إِلَى التَّحْقِيق فَهِيَ بِمَنْزِلَة بل، حَتَّى قَالَ بَعضهم: أَن أَصْلهَا

<<  <   >  >>