للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْعَرَب تَقول لكل مَا سخن: حمى يحمي حميا، فَهُوَ حام، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فِي عين حمئة} .

وَيَقُولُونَ أَيْضا: اشْتَدَّ حمى الشَّمْس وحموها، إِذا عظم وهجها، وَمِنْه مَا أنْشدهُ الْمفضل:

(تجيش علينا قدرهم فنديمها ... ونفثؤها عَنَّا إِذا حميها غلا)

يَعْنِي أَنه مَتى جَاشَتْ قدرهم للشر سكنوها، وَهُوَ معنى نديمها، وَأَنه مَتى غلت فثؤوها، أَي كسروا غليانها.

وكنى بِالْقدرِ عَن تهيج الْحَرْب كَمَا يكنى بفور الْمرجل عَنهُ.

قَالَ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن عَليّ الحريري رَحمَه الله: وَحكى لي أَبُو الْفَتْح عَبدُوس بن مُحَمَّد الهمذاني حِين قدم الْبَصْرَة علينا حَاجا سنة نَيف وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة أَن الصاحب أَبَا الْقَاسِم بن عباد رأى أحد ندمائه متغير السحنة فَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي بك قَالَ: حما، فَقَالَ لَهُ الصاحب: قه، فَقَالَ النديم: وه، فَاسْتحْسن الصاحب ذَلِك مِنْهُ وخلع عَلَيْهِ.

قَالَ الشَّيْخ الإِمَام: ولعمري لقد أحسن الصاحب فِي تعقيب لفظ حما بِمَا صَارَت بِهِ إِلَى حَمَاقَة، ولطف النديم فِي صلَة تعقيبه بِمَا جعله قهوه، وَهَكَذَا فلتكن مداعبة الْفُضَلَاء ومفاكهة الأدباء الأذكياء

[٩٨] وَيَقُولُونَ: جَاءَنِي الْقَوْم إلاك وإلاه، فيوقعون الضَّمِير الْمُتَّصِل بعد إِلَّا كَمَا

<<  <   >  >>