للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استمالته بالإضلال واختلبته بالإغواء.

قَالَ الشَّيْخ الرئيس أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن عَليّ رَحمَه الله: وَقد عثرت لجَماعَة من الكبراء على أَوْهَام فِي الهجاء عدلوا فِي بَعْضهَا عَن رسومه المقررة، وَلم يفرقُوا فِي بَعْضهَا بَين مواقع اللَّفْظَة المستطردة، فَرَأَيْت أَن أكشف عَن عوارها وأنبه على التعراي من عارها، لتتنوع فَوَائِد هَذَا الْكتاب، وتتجلى بِهِ أَكثر الشّبَه عَن الْكتاب.

[٢١٦] فَمن ذَلِك أَنهم يَكْتُبُونَ بِسم الله، بِحَذْف الْألف أَيْنَمَا وَقع، وحيثما اعْترض، فيوهمون فِيهِ، لِأَن الْألف إِنَّمَا حذفت مِنْهُ إِذا كتب فِي فواتح السُّور وأوائل الْكتب لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله فِي كل مَا يبْدَأ بِهِ ويشرع فِيهِ، وَتَقْدِير الْكَلَام فِي الْبَسْمَلَة المصدرة: أبدأ باسم الله وأفتتح باسم الله، فَترك إِظْهَار هَذَا الْفِعْل إِنَّمَا لدلَالَة الْحَال الْحَاضِرَة عَلَيْهِ، فَإِن أبرز وَجب إِثْبَات الْألف كَمَا أَثْبَتَت فِي قَوْلك: إقرأ باسم رَبك، فسبح باسم رَبك.

وَقد رَأَيْت أحد الْأَعْيَان المتشبعين بِدَعْوَى الْبَيَان كتب فِي صدر كِتَابه: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أستفتح، وَبِه أستنحج، فَحذف الْألف من باسم الله مَعَ إِظْهَار الْفِعْل، وَقد وهم فِي حذفه، وَأَبَان عَن قُصُور الاستبصار وَضَعفه، وَإِنَّمَا كَانَ يسوغ لَهُ حذف الْألف لَو أَنه عطف بِالْوَاو على الْبَسْمَلَة الْمُجَرَّدَة، كَمَا يكْتب قوم بعد الْبَسْمَلَة: وَبِه أستعين، فَيكون تَقْدِير الْكَلَام: أفْتَتح باسم الله وَبِه أستعين، نعم وَقد منع أَكثر الْعلمَاء بأوضاع الهجاء حذف هَذِه الْألف إِلَّا عِنْد الْإِضَافَة إِلَى اسْم الله تَعَالَى خَاصَّة، فَإِن أضيف إِلَى غَيره من أَسْمَائِهِ الْحسنى، نَحْو الرَّحْمَن والقهار وَجب إِثْبَات الْألف فِي كتبك باسم الرَّحْمَن وباسم القهار، وَعلل فِي ذَلِك بقلة مدَار هَاتين اللفظتين ونظائرهما فِي الْكَلَام، وَعند افْتِتَاح الْأَعْمَال.

<<  <   >  >>