يُقَال: قد نَشُمُّ بِالْمِيم لاشتقاقه من قَوْلك: نَشُمُّ اللَّحْم، إِذا بدا التَّغَيُّر والأرواح فِيهِ، وعَلى هَذَا جَاءَ فِي حَدِيث مقتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: فَلَمَّا نَشُمُّ النَّاس فِي الْأَمر، أَي ابتدأوا فِي التوثب على عُثْمَان، والنيل مِنْهُ.
وَكَانَ الْأَصْمَعِي يرى أَن لَفْظَة نَشُمُّ لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الشَّرّ، وان مِنْهَا اشتقاق قَوْلهم: دقوا بَينهم عطر منشم، لَا أَن هُنَاكَ عطرا يدق حَقِيقَة.
وَقَالَ غَيره: بل منشم عطارة، مَا تطيب بعطرها أحد فبرز لقِتَال إِلَّا وَقتل أَو جرح، وَقيل: بل الْإِشَارَة فِي الْمثل إِلَى عطارة أغار عَلَيْهَا قوم، وَأخذُوا عطرا كَانَ مَعهَا، فَأقبل قَومهَا إِلَيْهَا فَمن شموا مِنْهُ رَائِحَة الْعطر قَتَلُوهُ.
وَمن أَوله على هَذَا قَالَ: هُوَ عطر من شم، فَجعله مركبا من كَلِمَتَيْنِ.
وَقيل: الْكِنَايَة فِيهِ عَن قُرُون السنبل الَّذِي يُقَال انه سم سَاعَة.
وَذكر ابْن الْكَلْبِيّ أَنَّهَا امْرَأَة من خُزَاعَة كَانَت تبيع الْعطر، فتطيب بعطرها قوم، وتحالفوا عى الْمَوْت فتفانوا.
وَقَالَ غَيره: بل هِيَ صَاحِبَة يسَار الكواعب، وَكَانَ يسَار هَذَا عبدا أسود يرْعَى الْإِبِل، إِذا رَأَتْهُ النِّسَاء ضحكن مِنْهُ، فيتوهم أَنَّهُنَّ يضحكن من حسنه، فَقَالَ يَوْمًا لرفيق لَهُ: أَنا يسَار الكواعب مَا رأتني حرَّة إِلَّا وعشقتني، فَقَالَ لَهُ رَفِيقه: يَا يسَار، اشرب لبن العشار، وكل لحم الحوار، وَإِيَّاك وَبَنَات الْأَحْرَار.
فَأبى وراود مولاته عَن نَفسهَا، فَقَالَت لَهُ: مَكَانك حَتَّى آتِيك بِطيب أشمك إِيَّاه، فَأَتَتْهُ بمُوسَى، فَلَمَّا أدنى أَنفه إِلَيْهَا لتشمه الطّيب جدعته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute