للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَعِنْدَ أَكثر أهل اللُّغَة أَن الْخلف بِإِسْكَان اللَّام يكون من الطالحين، وَبِفَتْحِهَا من الصَّالِحين.

وأنشدت لأبي الْقَاسِم الْآمِدِيّ فِي مرثية غرَّة خلف عرة:

(خلفت خلفا وَلم تدع خلفا ... لَيْت بهم كَانَ لَا بك التّلف)

وَقيل فيهمَا: أَنَّهُمَا يتداخلان فِي الْمَعْنى، ويشتركان فِي صفة الْمَدْح والذم، فَيُقَال: خلف صدق وَخلف سوء، وَخلف صدق وَخلف سوء، وَالشَّاهِد عَلَيْهِ قَول الْمُغيرَة ابْن حبناء التَّمِيمِي:

(فَنعم الْخلف كَانَ أَبوك فِينَا ... وَبئسَ الْخلف خلف أَبِيك فِينَا)

وَقَالَ بَعضهم: إِن الْخلف بِفَتْح اللَّام من يخلف فِي أثر من مضى، وَالْخلف بِإِسْكَان اللَّام اسْم لكل قرن مستخلف، وَعَلِيهِ فسر قَوْله تَعَالَى: {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة} وَعَلِيهِ يؤول قَول لبيد:

(وَبقيت فِي خلف كَجلْد الأجرب

)

يَعْنِي بِهِ الْقرن الَّذِي عاصره آخر عمره.

وَحكى أَبُو بكر بن دُرَيْد، قَالَ: سَمِعت الرياشي يفصل بَين قَوْلهم: أَصَابَهُ سهم غرب بِفَتْح الرَّاء، وَغرب بِإِسْكَان الرَّاء، وَقَالَ: الْمَعْنى فِي الفتحة انه لم يدر من رَمَاه، وَفِي الإسكان أَنه رمى غَيره فَأَصَابَهُ، وَلم يُمَيّز بَين معنى اللفظتين سواهُ.

<<  <   >  >>