وَنَظِير هَذَا الْوَهم قَوْلهم: حضرت الكافة، فيوهمون فِيهِ أَيْضا على مَا حَكَاهُ ثَعْلَب فِيمَا فسره من مَعَاني الْقُرْآن، كَمَا وهم القَاضِي أَبُو بكر بن قريعة حِين استثبت عَن شَيْء حَكَاهُ، فَقَالَ: هَذَا ترويه الكافة عَن الكافة والحافة عَن الحافة، والصافة عَن الصافة، وَالصَّوَاب فِيهِ أَن يُقَال: حضر النَّاس كَافَّة، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة} لِأَن الْعَرَب لم تلْحق لَام التَّعْرِيف بكافة كَمَا لم تلحقها بِلَفْظَة مَعًا وَلَا بِلَفْظَة طرا.
وَمن حكم لَفْظَة كَافَّة أَن تَأتي متعقبة، فَأَما تصديرها فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} فَقيل: أَنه مِمَّا قدم لَفظه وَآخر مَعْنَاهُ وَأَن تَقْدِير الْكَلَام: وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا جَامعا بالإنذار، والبشارة للنَّاس كَافَّة، كَمَا حمل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وغرابيب سود} على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، لِأَن الْعَرَب تقدم فِي هَذَا النَّوْع لفظ الْأَشْهر على الأغرب، كَقَوْلِهِم: أَبيض يقق، وأصفر فَاقِع، وأسود حالك.
وَقيل أَن كَافَّة فِي الْآيَة بِمَعْنى كَاف، وإلحاق الْهَاء بِهِ للْمُبَالَغَة كالهاء فِي عَلامَة ونسابة.
وَمن أوهامهم مِمَّا يدْخلُونَ عَلَيْهِ لَام التَّعْرِيف وَالْوَجْه تنكيره قَوْلهم: فعل ذَلِك من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute