للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَاءَنِي أحد، فقد اشْتَمَل هَذَا النَّفْي على استغراق الْجِنْس من الْمُذكر والمؤنث والمثنى وَالْمَجْمُوع.

فَإِن اعْترض معترض بقول امْرِئ الْقَيْس: بَين الدُّخُول فحومل، فَالْجَوَاب أَن الدُّخُول اسْم وَاقع على عدَّة أمكنة، فَلهَذَا جَازَ أَن يعقب بِالْفَاءِ، كَمَا يُقَال: المَال بَين الاخوة فزيد، وَمثله قَوْله تَعَالَى: {يزجى سحابا ثمَّ يؤلف بَينه} وَإِنَّمَا ذكر السَّحَاب وَهُوَ جمع، لِأَنَّهُ من قبيل الْجمع بَينه وَبَين واحده الْهَاء، وَهَذَا النَّوْع من الْجمع مثل الشّجر والسحاب وَالنَّخْل والنبات بجوز تذكيره وتأنيثه، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي سُورَة الْقَمَر: {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل منقعر} ، وَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى فِي سُورَة الحاقة: {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل خاوية} .

قَالَ الْمُؤلف رَحمَه الله: وأظن أَن الَّذِي أوهمهم تَكْرِير لَفْظَة بَين مَعَ الظَّاهِر مَا رَأَوْهُ من وجوب تكريرها مَعَ الْمُضمر فِي مثل قَوْله عز وَجل: {هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك} وَقد وهموا فِي الْمُمَاثلَة بَين الموطنين وخفي عَلَيْهِم الْفرق الْوَاضِح بَين الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ أَن الْمَعْطُوف فِي الْآيَة قد عطف على الْمُضمر الْمَجْرُور الَّذِي من شَرط جَوَاز الْعَطف عَلَيْهِ عِنْد النَّحْوِيين من أهل الْبَصْرَة، تَكْرِير الْجَار فِيهِ كَقَوْلِك: مَرَرْت بِهِ وبزيد وَلِهَذَا لحنوا حَمْزَة فِي قِرَاءَته: {وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} حَتَّى قَالَ أَبُو الْعَبَّاس

<<  <   >  >>