لِأَن الأَصْل فِيهَا بَين، وجر تعانقه على الْإِضَافَة، وَمن رفع رَفعه على الِابْتِدَاء، وَجعل الْألف زِيَادَة ألحقت ببين لتوقع بعْدهَا الْجُمْلَة، كَمَا زيدت مَا فِي بَيْنَمَا لهَذِهِ الْعلَّة.
وَذكر أَبُو مُحَمَّد بن قُتَيْبَة قَالَ: سَأَلت الرياشي عَن هَذِه الْمَسْأَلَة، فَقَالَ: إِذا ولي لَفْظَة بَين الِاسْم الْعلم رفعت فَقلت: بَينا زيد قَامَ جَاءَ عَمْرو، وَإِن وَليهَا الْمصدر فالأجود الْجَرّ كهذه الْمَسْأَلَة.
وَحكى أَبُو الْقَاسِم الْآمِدِيّ فِي أَمَالِيهِ عَن أبي عُثْمَان الْمَازِني قَالَ: حضرت أَنا وَيَعْقُوب بن السّكيت مجْلِس مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات، فأفضنا فِي شجون الحَدِيث، إِلَى أَن قلت: كَانَ الْأَصْمَعِي يَقُول: بَينا أَنا جَالس إِذْ جَاءَ عَمْرو، محَال.
فَقَالَ ابْن السّكيت: أَهَذا كَلَام النَّاس قَالَ: فَأخذت فِي مناظرته عَلَيْهِ وإيضاح الْمَعْنى لَهُ، فَقَالَ لي مُحَمَّد ابْن عبد الْملك: دَعْنِي حَتَّى أبين لَهُ مَا اشْتبهَ عَلَيْهِ، ثمَّ الْتفت إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: مَا معنى بَينا فَقَالَ: حِين، قَالَ: أفيجوز أَن يُقَال: حِين جلس زيد إِذْ جَاءَ عَمْرو فَسكت.
فَهَذَا حكم بَينا، وَأما بَيْنَمَا فأصلها أَيْضا بَين، فزيدت عَلَيْهِ مَا لتؤذن بِأَنَّهَا خرجت عَن بَابهَا بِإِضَافَة مَا إِلَيْهَا.
وَقد جَاءَت فِي الْكَلَام تَارَة غير مُتَلَقَّاة بإذ مثل بَينا واستعملت تَارَة مُتَلَقَّاة بإذ وَإِذا اللَّذين للمفاجأة، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
(فَبَيْنَمَا الْعسر إِذْ دارت مياسير
)
وَكَقَوْلِه فِي هَذِه الْقطعَة:
(وبينما الْمَرْء فِي الْأَحْيَاء مغتبط ... إِذْ صَار فِي الرمس تعفوه الأعاصير)
فَتلقى هَذَا الشَّاعِر بَيْنَمَا فِي الْبَيْت الأول بإذ وَفِي الثَّانِي بإذا، وَلَيْسَ ببدع أَن يتَغَيَّر حكم بَين بِضَم مَا إِلَيْهِ لِأَن التَّرْكِيب يزِيل الْأَشْيَاء عَن أُصُولهَا ويحيلها عَن أوضاعها ورسومها أَلا ترى أَن رب لَا تدخل إِلَّا على الِاسْم، فَإِذا اتَّصَلت بهَا مَا، غيرت حكمهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute