للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمنكر وَالشَّر، كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَر: مَا يحملكم على أَن تتايعوا فِي الْكَذِب كَمَا تتايع الْفراش فِي النَّار.

وكما روى أَنه لما كثر شرب الْخمر فِي عهد عمر رَضِي الله عَنهُ جمع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم، وَقَالَ: إِنِّي أرى النَّاس قد تتايعوا فِي شرب الْخمر واستهانوا بحدها، فَمَاذَا ترَوْنَ فَقَالَ لَهُ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام: أرى أَن أحده ثَمَانِينَ، لِأَنِّي أرَاهُ إِذا شرب سكر، وَإِذا سكر هذى، وَإِذا هذى افترى، فأحده حد المفتري.

فاستصوب عمر رَأْيه، واخذ بِهِ.

وَقد جَاءَ فِي لُغَة الْعَرَب أَلْفَاظ خصت بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الشَّرّ دون الْخَيْر، كلفظة تهافت، الَّتِي لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الْمَكْرُوه والحزن، وكلفظة أشفى الَّتِي لَا تقال إِلَّا لمن أشرف على الهلكة، وكالأرق الَّذِي لَا يكون إِلَّا فِي الْمَكْرُوه لِأَن السهر يكون فِي الْمَكْرُوه والمحبوب، وكقولهم فِي مدح الْمَيِّت: التأبين، وَلكُل مَا يثور للضَّرَر: هاج.

ولأخبار السوء: صَارُوا أَحَادِيث، وللمذموم مِمَّن تخلف: خلف، وللمتساويين فِي الشَّرّ: سواس وسواسية، كَمَا جَاءَ فِي الْمثل: سواسية كأسنان الْحمار، وكما قَالَ الشَّاعِر:

(سود سواسية كَأَن أنوفهم ... بعر ينظمه الصَّبِي بملعب)

(لَا يخطبون إِلَى الْكِرَام بناتهم ... وتشيب أيمهم وَلما تخْطب)

<<  <   >  >>