السماء معدود من العلماء الأتقياء وبقية السلف الأذكياء؛ بوفاة العلامة المحدث حماد بن محمد الأنصاري.
فو الله إن القلبَ ليحزن، وإن العينَ لتدمع على فوات أولئك الأعلام؛ فبالأمس القريب فجع العالم الإسلامي بوفاة علمين جليلين هما: شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق، وفضيلة الشيخ محمد الغزالي؛ وقدّر اللهُ وفاتهما في أسبوع واحد ليعظم المصاب بفقدهما؛ وقبلهما فقدت الكويت فقيهها الأول العالم الجليل محمد بن جراح؛ ثم وفي الأسابيع القليلة الماضية فقدت الأمة حامي لغة القرآن وفارس العربية وإمام البيان العلامة محمود شاكر.
وهنا نحن اليومَ نصاب بمقتل، بوفاة مسند وقتِه، ومحدّث عصره الأنصاري؛ فإذا خلت الديار من أولئك الأحبار الأخيار فمن للعلم ومَن للفقه ومَن للحديث ومَن للغة ومَن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن عزائنا بحفظ الله لهذا الدين الذي ننتمي إليه لكبير، وإن رجاءنا في أن تنتج الأمة أمثال هؤلاء الأفذاذ لعظيم، وإن الأفق ليلوح بالبشائر والحمد لله.
وإن الواجب على الدعاة والمصلحين ألا يتخذوا من تلك النكبات عوائق، بل عليهم أن يوظفوا هذه الأقدار إلى عدة وعتاد يصنعون بها مستقبل أمتهم وينبنون أجيالاً في العلم والخلق راسخة، تحمل الأمانة وتواصل المسير بلا كلل أو سآمة؛ فلتكن سير أولئك الأعلام نماذج حية تعيش في قلوبنا ونقتدي بها في واقعنا وتشعل فينا جذوة الجلد والحرص على طلب العلم، وتوقظ فينا العزائم والهمم التي ربما ماتت لدى بعض طلاب العلم أو كادت.
إن حياة هؤلاء العلماء وتحصيلهم وصبرهم وجهادهم ثم وفاتهم لحجة قائمة على المتقاعسين الكسالى من طلاب العلم الذين طابت لهم الحياة، فركنوا إليها، وازينت لهم الدنيا فتكالبوا عليها، فلا تراهم يعبأون بضياع الأوقات، ولا