يكلفون بإهدار الجهود والطاقات فيما لا ينفع أو يجدي.
وإن مما يدعو إلى الأسى والحزن ما نراه من تغييب متعمّد لأولئك العلماء وسيرهم، بل وحتى وفاتهم عن واقع الإعلام المعاصر؛ فيا ليت شعري كيف يجازى أمثال هؤلاء الأعلام بهذا التجاهل المريب والصمت الغريب الذي ربما فاق صمت القبور في الوقت الذي توجع الأسماع وتشق الأبصار وتطمس الفضائل والآداب برسم القدوات الكافرة والشخصيات الماجنة المنح رفة وتخليد ذكراهم وسيرتهم، بل فجورهم وانحطاطهم.
أرأيتَ لو كان المتوفى مطرِبا لامعا ملأ الدنيا بفاحش القول ورخيص المعاني لوجدنا أن الإعلام الوفي لا يقرّ له قرار بل يندب ويصيح ويبدئ ويعيد في ذكراه، وربما أنفقت الأموال الطائلة من أجل السبق إلى إعداد برنامج خاص عن حياة المغني الفلاني.
أرأيت لو كان المتوفى فنانا ساقطا أو لاعبا فاشلاً في كل شيء إلا في اللعب، أو كاعباً لعوبا على أدنى المستويات هل سيبخل الإعلام بساعة أو ساعات للإشادة بهذا الفالح العظيم؟، أم هل ستبخل الصحافة بالمساحات الواسعة من أجل تغطية هذه النكبة التي تمر بها الأمة من جرّاء وفاة أحد التافهين؟.
إن هذا غيضٌ من فيض الحضارة المادية وانقلاب المفاهيم الذي نعيشُه.
فحريٌّ بنا أن نقوم بواجبنا إزاء المخلصين من أبناء أمتنا من العلماء العاملين والدعاة المصلحين، فنعطّر التاريخ بسيرهم وأخبارهم، يتداولها الصغار والكبار، وتروى ولا تُطوى، وندوّنها في سجلّ الخالدين أمثلةً طاهرة نقية، يحتذى بها على مرّ السنين.
وختاما: نسأل الله العليَّ القدير أن يتقبل الفقيد بواسع رحمته، وأن يُعلي درجته، وأن يخلف له الخير في عقبه..، وأن يلهم أهلَه الصبر والاحتساب.. و {إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} .