فيا ترى ما هي أبرز خصائصه التي حباه الله تعالى إياها حتى تميّز بها عمن سواه ونبغ بها عن غيره؟، وللإجابة عن ذلك فإنه يمكن إيجاز تلك الخصائص في التالي:
أولاً: الهمّة العالية:
كان العلامة الأنصاري "يرحمه الله" ذا همّة عالية، تفوق همم كثيرٍ ممن كان لهم عناية بطلب العلم وتتبع آثاره الدّارسة.
همّةٌ عالية قويّة تتطلع إلى الميزة في كلِّ علم وفن وفي كلِّ زمان ومكان؛ لقد كان هذه الخصِّيصة من أبزر الخصائص التي يتمتع بها المحدث الأنصاري، مما جعله قمَّةً من القِمَمِ المنيفة في حيازة العلم وفي سعة الأفق وتفتح المدارك.
فلم يكن يهدأ للشيخ بالٌ ولا يقرُّ له قرار دون بلوغ منيته في القراءة والإطلاع والتأليف والجمع وفي البحث والتنقيب عن نفائس العلم ومخطوطاته في شتّى بقاع الأرض، ولم يكن يسأم من الساعات الطويلة التي يقضيها في ردهات المكتبات في أنحاء البلاد الإسلامية التي رحل إليها في تقصِّي البحث عن الكتب النادرة النفيسة، مع البحث الدءوب والعمل المتواصل ليل نهار تبعثه همّته القوية العلية وعزيمة الصلبة على تخطِّي العقبات وتذليل الصعوبات مهما كانت التضحيات كبيرة وغالية؛ إذْ كان يبذل وقتَه وجهدَه وماله من أجل تطلب العلم والكتب والمخطوطات بلا ضجرٍ أو سآمة، ولو كان ذلك على حساب صحّته البدنية حتى مع كبر السن وتقدُّم العمر.
وإذا كانت النفوسُ كِبارًا ... تعبت في مرادها الأجسامُ
وكانت تعترضه في البحث أحيانًا مسائلُ عويصة ومشكلاتٌ معضلة، ولكن بالهمّة العالية التي لا يخالطها قنوطٌ ولا يأسٌ أو تردّد كانت تهون وتتيسر