للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك المسائل والمشكلات حتى يبلغ منها مناه "يرحمه الله"؛ وكان كثيرًا ما يحثني على بذل الجهد في التحصيل والهمة فيه، ويتمثّل قولَ الناظم:

والعلم ليس بقرقرٍ (١) بل في ذرى ... نيقٍ (٢) يفوت مدى البزاة الصُّيَّد

لم يصمه (٣) سهمٌ ولم يبتزه بازٍ ... ولم يصرع برمية مِلْقد (٤)

لكن بأشراك الحُلوم وهمَّةٍ ... نفَّاذة الأغراض فليُتصيَّدِ

ثانيًا: الصبر والجلَد والمثابرة:

كان العلامة الأنصاري "يرحمه الله" ذا جلدٍ كبير، وصبر عظيم، ومثابرةٍ على التحصيل العلمي في شتّى الفنون بلا كللٍ أو مللٍ أو تضجُّر؛ فلا يبلغ مداه في ذلك أحد.

وكان يحمل نفسه على عظائم الأمور وسائر المشاق في سبيل بلوغ غايةٍ علمية أو شاردة حديثيّة أو فقهية أو تراثٍ قديم.

كان "يرحمه الله" يُجهد نفسه في التنقيب عن مخطوطةٍ نادرة أو كتابٍ نفيس مفقود أو تراثٍ عزيز ليُحييَ أثره ويعيده إلى الوجود بعد أن كان حبيس خزائن الكتب دهرًا طويلاً؛ حتى أنه رحل رحلات كثيرة لأجل هذه الغايات النبيلة؛ لقد صبر على لأواء رحلته من إفريقيا وشدائدها المُرَّة؛ حيث رحل إلى السودان، ومِن ثَم الجزيرة العربية؛ حدثني شيخنا الأنصاري قال: (ما خرجت


(١) المكان المستوي والأرض السهلة.
(٢) الجبل الشاهق.
(٣) يصبه.
(٤) العصا.

<<  <  ج: ص:  >  >>