لي:"كنت قد تخرجت من جامعة القاهرة أو الأزهر فأثناء عودتي إلي قريتي حاملاً شهادة الجامعة معي مررت بمزرعة فرأيت شيخاً جالساً وسلمت عليه فقال لي: ما هذا الذي بيديك؟ فقلت شهادة التخرج، وكان بجواره كتاب التوحيد مع شرحه فتح المجيد فقام الشيخ، وذهب لقضاء غرض وأطال الغياب، فأخذت الكتاب أقرأه فجاء الشيخ بعد ذلك فسألته عن هذا الكتاب، وأخبرته أني أُعْجِبْتُ به فأخذ يشرح لي عقيدة السلف، وقال لي: يا بني عليك بنشر التوحيد وعقيدة السلف، فإنك لم تتعلمها في الجامعة التي تخرجت منها ومن بعد ذلك أصبحت أدعو إلى عقيدة السلف وهذا الشيخ كان فلاحاً في هذا المزرعة".
١٥٨ـ قال الوالد -رحمه الله تعالى- لأحد الحاضرين في مكتبته -حفظها الله-: إذا أردت أن تعرف حامد فقي جيداً فتعال عندي وقد كنت أحضر مجالسه بكثرة، وإذا حضر في الحج الى مكة أرحل إليه للالتقاء به وأحضر حلقته الكبيرة بالمسجد الحرام عند باب علي -رضي الله عنه-، وقد أذن له الملك عبد العزيز بالتدريس، وكان الشيخ -رحمه الله تعالى- يذكر في بعض دروسه نكتاً مضحكة فإذا ذكرها كنا نستأنس بها ونضحك، وكان رحمه الله تعالى ذا لحية بيضاء تضرب على صدره عريضة وقد حدث له موقف مع مشايخ نجد، وذلك أنه رحمه الله قد علق على كتاب مدارج السالكين لابن القيم تعليقاً فيه تأنيب لابن القيم فما أعجبهم ذلك، فحصل بينه وبينهم محادة فرجع الى مصر فمات بها في تلك السنة".
١٥٩ـ وسمعته يقول: "إن زكريا بيلا أندنوسي من أهل مكة كنت اجتمع معه في الحرم المكي لمدارسة العلم، وكان يتمنى أن يلاحظ عليَّ شيئاً يضحكه مِنِّي، ولكنه لم ير ولله الحمد".