للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درس في علم التفسير رأيتَ أنه متوغّل في علمه، وأنه متمكن من معرفة ما يدورُ حولَه، وما قيل في الآيات وأسباب النزول وما أشببها.

ودرس أيضًا في التاريخ؛ وكان عمله دليلاً على أنه يقول الحق ويعدل، ولا يميلُ مع أحد، ولا يقبل الحكايات المكذوبة التي تُقال عن الصحابة أو نحوهم.

وقد عرفنا أيضًا من مجالسته ومن كثرة البحث معه أنه يرجع إلى الحق متى عرفَه ولو كان مع خصمه؛ فإذا اتضحَ له الحق فإنه يقول به ولا يردّ قولاً قال به غيرُه إذا كان صوابًا، بل يتقبّلُه؛ وهذه من شيَم طلبة العلم وحملة العلم.

ولا شكّ أنه كان "رحمه الله" سهل الجانب، ليّن الطبيعة الوفاء، يحب الاخوة ويتودّد إليهم، وكلُّ من عرفه وجالسه أنِسَ به.

وكان أيضًا قويّ الذاكرة، كل من عرفه قديمًا لا يذهب عن ذاكرتِه، سريع الحفظ، قوياً بجانب ذلك؛ فإنه كان متواضعًا للصغير والكبير، بحيث أنه يجالس ويؤانس تلامذته المبتدئين ويتبسط معهم؛ وكان شغوفًا بالعلم الصحيح.

ثم إن كتبه التي تضمُّها تلك المكتبة الكبيرة لم يكن يهجرها، بل يطلع عليها؛ بحيث لا يكون فيها كتابٌ إلا وهو يعرف محتوياته، ويعرف ما يتضمنه من المعلومات التي تحتوي عليها تلك الكتب في أيِّ فنٍّ من الفنون، وحتى علوم الكلام وعلوم المنطق وشبهها، وإذا اقتنى شيئًا منها فإنه يتقنه لغرض مهم ونحو ذلك. وكلُّ ذلك دليلٌ على أنه رزقه الله الفهمَ وقوة الإدراك.

وكان الفقيدُ أيضًا على جانبٍ من الزهدِ في الدنيا والتعفّف والتقلّل منها. رحمه الله وأكرم مثواه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>