نعم، وقد وفى الله الجميع من مهاجرة الصحراء بما وعد به المهاجرين من السعة في الرزق ليبلوهم أيشكرون أم يكفرون، {ومن شكر فإنما يشكرُ لنفسه ومن كفر فإن الله غنيٌّ عن العالمين} ، وهذه التوسعة مصداقُ قوله تعالى:{ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغمًا كثيرًا وسعة...} الآية.
قال إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى سنة ٧٧٤هـ في تفسيره الجليل، قال:"في هذه الآية تحريضٌ على الهجرة وترغيبٌ فيها وفي مفارقة المشركين، وأن المؤمن حيث ما ذهب وجد مندوحةً عن المشركين وملجأً يتحصّن فيه، والمراغم المضْطَرَب، ومنه قول النابغة الجعدي:
كطود يلاذ بأركانه ... عزيز المراغم والمهرب
وقال آخر:
إلى بلد غير داني المحلِّ ... بعيد المراغم والمضطربْ
وقوله:{وسعَة} يعني: الرزق، قال غيرُ واحدٍ -منهم قتادة- في قوله تعالى:{يجد في الأرض مراغمًا كثيرًا وسعة} قال: "يجد سعة من الضلالة إلى الهدى ومن القلّة إلى الغنى".
هذا، وقد تعلم بعضهم الخياطة كعمّار بن الحسن الأنصاري، ومحمد ابن سهل، ومحمد بن المحمود، وأما الأولاد الصغار فقد انتظموا في المدارس الحكومة طلبة، منهم: محمد محمود الخيّاط، كان في معهد المعلِّمين في مكة المكرّمة، ومحمد بن ناجي، ومرداس بن نافع في المعهد العلمي في الرياض. ولله الحمدُ على هذا الخير الجزيل المستحقّ أن يُقابَل بالشكر الجميل.
ومما ينبغي -بل هو واجب على جميع المهاجرين من الصحراء الكبرى- بعد شكرهم لربهم بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر مما يجب عليهم: