ليلَه ونهارَه حتى يتحصّل عليه في أيِّ مكان، أو بأيِّ ثمن؛ بل كان يقتطع من قوته ليؤمن ما يحتاجه من الكتب، أو يصور ما يختاره من المخطوطات النادرة في الحديث وعلومه.
وارتحل شرقًا وغربًا، وطوّف في بلادٍ كثيرة لا لكي يتنزّه أو يستجم، ولكنه يتكبّد عناء السفر ومشاق الترحال بحثًا عن كنوز تراثنا الإسلامي المحفوظ في مكتبات العالم.
ويقتضي المقام أن أقدم نبذة موجزة عن حياته الشخصية، وآثاره العلمية:
فهو أبو عبد اللطيف حماد بن محمد الأنصاري، ولد في (تاد مكة) من بلاد (مالي) بأفريقيا الغربية عام ١٣٤٤؛ وينتهي نسبُه إلى سعيد بن سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري.
ونشأ وترعرع في مسقط رأسه، وعاش في وسط يحفّه الالتزام بهدي الإسلام، ويحوطه التطلُّع إلى العلم الشرعي؛ إذْ من أسرته مَن اشتغل بالعلم والفتيا والقضاء؛ فلا غرو إذًا أن يتجّه الشيخ منذ نعومة أظفاره إلى العلم، ويحرص على مجالسة العلماء، والإفادة منهم، وتهيّأ له أن يحفظ كتاب الله وهو في الخامسة عشرة من عمره.
وأخذ يتدرّج في مدارج العلم حتى تمكّن من حفظ قدر وافرٍ من المتون في شتّى صنوف العلوم والفنون، ونال حظًّا كبيرًا من العلوم الشرعية والعربية في بلاده مع التركيز في هذه المرحلة على علوم العربية، تمّ له ذلك من خلال ملازمته بعض المشايخ والعلماء، ومنهم عمّه الشيخ محمد أحمد بن محمد الذي يلقّب بالبحر لتبحّره في العلوم، وخاله محمد أحمد تقي، وابن عمه موسى بن الكسائي.