ولم تمنعه الظروف القاسية في بلاده من إشباع نهمه في التزوّد بالعلم من فطانة متعددة؛ فكم سهر من الليالي الطوال على ضوء القمر أو السراج يقرأ ويكتب ويحفظ.
وحينما قدِم إلى المملكة العربية السعودية تطلّع إلى الاستزادة من العلم؛ فلازم بعض علماء الحرمين، ودرس على بعضهم الحديث وعلومَه، منهم الشيخ عبد الرزاق حمزة، والشيخ حسن المشّاط بمكة، والشيخ محمد بن تركي، والشيخ حبيب الرحمن الهندي بالمدينة المنورة، والمحدث الشيخ عبد الشكور الهندي، وعبد الحق العمري، ومحمد بن عيسى الفاداني، والشيخ قاسم بن عبد الجبار الانديجاني الفرغاني صاحب كتاب "المصباح في علوم الحديث"؛ وحصل من بعضهم على إجازات، وسمع بالأسانيد المتصلة إلى المؤلفين فيما تلقاه عنهم من أحاديث؛ ومن ذلك: الحديث المسلسل بالأولية الذي أجازه به الشيخ قاسم الإنديجاني، ثم أجازه في الكتب الستة المشهورة؛ ومن شيوخه الذين كان لهم تأثيرٌ واضحٌ عليه: الشيخ محمد عبد الله بن محمود المدني "أحد أئمة المسجد النبوي"، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ "مفتي المملكة العربية السعودية".
وكان "يرحمه الله" يشيد في مجالسه بشيوخه هؤلاء، ويذكر فضلَهم عليه؛ ويبدو أن جلّ ما درسه وناله من العلم إنما كان على أيدي العلماء والمشايخ، وعكوفه على الكتب حفظًا وقراءة واستيعابًا؛ وكان له بذلك الإدراك الراسخ والإطلاع الواسع والعلم الغزير في علوم الحديث، والتفسير، والفقه، والعقيدة، واللغة العربية، وغيرها من علوم الآلة.
وهذا المسلك هو الذي كان ينتهجه علماؤنا السابقون الذين يطلبون العلم لذات العلم وحبًّا ورغبةً في التزوّد منه، وليس لغرض أو عرض دنيوي.
ولا شكّ أن هذا المسلك في تلقّي العلم كان له أثرٌ واضح في تكوين