ومن قبل كان الناس (طلبة العلم) كانوا غافلين عن هذا، ولكن لما جات هذه الدولة الناس بدأوا يفقهون ويفهمون هذا، فلهذا المجتهدون من العلماء في هذا العصر كثيرون، وكلُّ مَن خالف في ذلك يجب عليه أن يتّهم نفسَه ويعترف بأنه جائر ويريد أن يطبِّق ما عليه هو من الجهل على الآخرين، لأن الاجتهاد على المعنى الذي ذكرنا من المستحيل أن يخلوَ منه عالم أبدًا، وإنما الاجتهاد بالمعنى الذي توهمه بعض الناس فإنه لا يكون في الوجود مجتهد.
أنا في الحقيقة (١) لم أشتغل بالتأليف وإنما اشتغلت بالتعليم، حياتي كلُّها تعليم، أنا الآن في هذه الدولة لي أربعون سنة وأنا مدرِّس في جميع مراحل التعليم من الابتدائي -بل من التحضيري والابتدائي-، والمتوسطة، والثانوي، والكليّة، والجامعة، والدراسات العليا، هذه المراحل كلها درّستُ فيها وما زلتُ إلى الآن أدرِّس في الدراسات العليا منذ أربعين سنة إلى الآن، وهذا العمل هو الذي شغلني كثيرًا ما وجدت فراغًا للتأليف، إضافةً إلى كثرة المراجعين وكثرة الطلبة في كل وقت؛ لأن الطلبة عندي ليسوا كالطلبة عند الآخرين، أنا عندي الطلبة الرسميّون -هؤلاء في المدرسة -وعندي الطلبة الإضافيون، هؤلاء في البيت وفي المسجد وفي الشارع وفي أيّ مكان تيسّر، هذا شغلني كثيرًا عما أنا عزمتُ عليه من الاشتغال بالتأليف، فلذلك لم يتسيّر لي أن ألّف الذي أريد ألّفه أو أجمعه، ولكن رغم هذا فإنني قد كتبتُ بعض الرسائل في موضوعات مختلفة في العقيدة، وفي الحديث،، وفي الرجال، وفي النحو.
منها في العقيدة:"البت في الحكم في الطواغيت الست" هذه موجودة عندي.
(١) فصل مهم جدًّا عن سبب قلة مؤلفات الوالد -رحمه الله تعالى- (عبد الأول) .