وأجلسناه عليه، وحملناه من الدور الأوّل إلى السيارة، وذهبنا به إلى المستشفى، وفي المستشفى قاموا بعمل أشعّة لمعرفة سبب الحرارة المرتفعة في جسم الوالد
-رحمه الله تعالى-، ثم عملوا أشعّة للساق، وشخّصوا المرض بأنه (جَلْطَة في الساق) ، وأخذوا يعالجونه من هذه الجلْطة المزعومة بمادّة طبيّة مذيبة للجلطة (هَبِرين) ، وأعطوه كميّة كبيرةً جدًّا من هذه المادة التي تُعطى في عُرْف الأطبّاء بكميّة مقنّنةٍ لا تتجاوز حدًّا معيّنًا وكميّة قليلة أيضًا.
فأخذت صحّة الوالد في التدهوُر الشديد والتناقص السّريع، حتىفقد الكلام في اليوم الثاني من دخوله المستشفى، وفقد أيضًا الحركة، وفقد التركيز.
واجتمعت عليه عائلته أغلبُها فأخذ يشيرُ بيده بحركات لم نفهمها، فكتبنا له على ورقة العبارة التالية: ماذا تريد؟، وأعطيناه قلمًا وأمسكنا ورقة ليكتب عليها، فكتب بكلّ صعوبة: هل ينقصكم شيء؟ أو نحوَها، فأخذنا الورقة منه وكتبنا: الحمد لله، وأعطيناه الورقة فكتب: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله ثلاث مرّات، وبعد هذه الحادثة لم يتكلّم الوالد بشيء حتى انتقل إلى رحمة الله تعالى.
ثم بعد أن مكث في مستشفى الملك فهد بالمدينة النبويّة نحو أسبوع انتقل محمولاً بطائرة الإخلاء الطبي-التي أمر بها صاحب السموّ الملكي وزير الدفاع والطيران حفظه الله وأيّده- لتنقل الشيخ حماد الأنصاري إلى مستشفى التخصصي بالرياض، وصحب الوالد في هذه الطائرة بعض أبناءه.
ودخل مستشفى التخصصي في شهر شوّال عام ١٤١٧هـ، ومكث فيه إلى شهر جمادى الأولى عام ١٤١٨هـ، وهو خلال هذه الأشهر لم يزل في (غيبوبة) أو شبه غيبوبة، وكنا نحن أبناؤه نرافقه في هذا المستشفى حيث كنا