للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نتناوب في مرافقته والجلوس بجواره، وأنا الكاتب مكثت عنده شهرًا إلاّ خمس أيّام، وكان الوالد ينام ويستيقظ فَتُرىا عيناه مفتوحتان من غير تركيز ولا نطق ولا حركة ولا جلوس، وكان يأكل ويشرب عن طريق فتحة في أعلى الحلق، وكان شربه فقط لمعلّبات فيها شراب مصنوع لمن بهذه الحال. والله المستعان.

وقد شخّص أطباء هذا المستشفى حالة الوالد وأخبرونا بأنّ خلايا المخّ قد ماتت جميعًا بسبب مادّة (الهبرين) التي مُلئ جسده الضعيف منها، وقالوا لنا أيضًا أن نسبة استرداد الوعي: صفر، وأن والدكم أعطي هذه المادة وهو ليس في حاجة إليها، حيث لم يكن معه (جلطة) قطعًا. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وعملوا له عمليّة في الساق المنتفخ، واستأصلوا (خُرَّاجًا) من داخل الساق، وقالوا لنا: هذا هو سبب الحمّى والتعب.

وقد كان بعض أهل العلم يعودُ الوالد -رحمه الله تعالى- منهم الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-، وقد عاده مرّتين ورقاه، وعاده أيضًا الشيخ عمر بن محمد فلاّتة -صدِيق الوالد الحميم-، وكان الشيخ عمر أتى إلى المستشفى التخصّصي لعمل فحوصات طبيّة، وكانت غرفته بجوار غرفة الوالد.

وعاده أناس كثيرون من طلبة العلم وغيرهم، وحالة الوالد الصحيّة من سوء إلى أسوء.

ومكث في هذه المستشفى نحو سبعة أشهر وأيّام، ثم أعدناه إلى المدينة النبوية عن طريق الإخلاء الطبي –كذلك-، ودخل (مستشفى طيبة الخاص) ، ومكث فيه خمسين يومًا وحالته الصحيّة متدنّية جدًّا، وبعدَها غادر الحياة الدنيا بعد أن بقي في المرض والغيبوبة والجَهد والتعب ثمانية أشهر وعشرين يومًا متّصلةً لم يفق من الغيبوبة دقيقة واحدة -بل ولا ثانية واحدة-.

<<  <  ج: ص:  >  >>