للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوهم والتخييل١، ومنهم ابن سينا فهو يقول: "أما أمر الشرع فينبغي أن يعلم فيه قانون واحد، وهو أن الشرع والملل الآتية على لسان نبي من الأنبياء، يرام بها خطاب الجمهور كافة، ثم من المعلوم الواضح أن التحقيق الذي ينبغي أن يرجع إليه في صحة التوحيد؛ من الإقرار بالصانع موحداً، مقدساً عن الكم، والكيف، والأين، والمتى، والوضع، والتغير.. ممتنع إلقاؤه إلى الجمهور"٢. ويستبعد إرادة المجاز والاستعارة في آيات التوحيد لأنه لا يرى حجيتها مطلقاً، بل يرى أنها جاءت لإفهام الجمهور، وإن كان كذباً، فيقول: "ثم هب الكتاب العربي جائياً على لغة العرب، وعادة لسانهم من الاستعارة والمجاز، فما قولهم في الكتاب العبراني كله، وهو من أوله إلى آخره تشبيه صرف...فظاهر من هذا كله أن الشرائع واردة لخطاب الجمهور بما يفهمون، مقرباً ما لا يفهمون إلى أفهامهم بالتشبيه، والتمثيل..فكيف يكون ظاهر الشرع حجة في هذا الباب؟! "١، وهذا كفر بكتاب الله - تعالى -.

وهؤلاء وأولئك جعلوا الألفاظ المبتدعة المجملة هي ألفاظ العقيدة التي لا يعرفها إلا الخواص، وأعرضوا عن ألفاظ الشرع، يقول شيخ الإسلام: "وهؤلاء جعلوا هذه الألفاظ المبتدعة المجملة أصلاً أمروا بها، وجعلوا ما جاء به الرسول من الآيات والأحاديث فرعاً يعرض عنها ولا يتكلم بها فكيف يكون تبديل الدين إلا هكذا! "٤.

فالمتكلمون والفلاسفة لا يلتفتون إلى ألفاظ الشرع، وإن استعملوها أعملوا فيها التأويل والمجاز.


١ - درء التعارض ١/٨ - ٩.
٢ - الأضحوية في المعاد ص ٩٧ - ٩٨.
١ - المرجع السابق ص ١٠٢ - ١٠٣.
٤ - التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى ٥/١٤.

<<  <   >  >>