للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه السابع:

أن يقال: قولهم "إن الحد التام يفيد تصوير الحقيقة"، واشتراطهم أن يكون مؤلفاً من الذاتي المميز والذاتي المشترك، إن أريد بالحد التام ما يصور الصفات الذاتية على التفصيل - مشتركها ومميزها -، فالجنس القريب مع الفصل لا يحصل ذلك، وإن أريد بما يدل على الذاتيات ولو بالتضمن أو الالتزام، فالفصل بل الخاصة يدل على ذلك.

وإذا عارضهم من يوجب ذكر جميع الأجناس، أو يحذف جميع الأجناس لم يكن لهم عنه جواب إلا أن هذا وضعهم واصطلاحهم. ومعلوم أن العلوم الحقيقية لا تختلف باختلاف الأوضاع. فقد تبين أن ما ذكروه هو من باب الوضع والاصطلاح، الذي جعلوه من باب الحقائق الذاتية والمعارف. وهذا عين الضلال والإضلال١.

الوجه الثامن:

هو أن اشتراطهم ذكر الفصول التي هي الذاتيات المميزة مع تفريقهم بين الذاتي والعرضي اللازم للماهية غير ممكن. إذ ما من مميز هو من خواص المحدود المطابقة له في العموم والخصوص إلا ويمكن شخصاً أن يجعله ذاتياً مميزاً، ويمكن الآخر أن يجعله عرضياً لازماً٢.

الوجه التاسع:

أن يقال: هذا التعليم دوري قبلي، فلا يصح. وذلك أنهم يقولون: إن المحدود لا يتصور أو لا يحد حداً حقيقياً إلا بذكر صفاته الذاتية. ثم يقولون: الذاتي هو ما لا يمكن تصور الماهية بدون تصوره. فيفرقون بين الذاتي وغير الذاتي أن الذاتي ما يتوقف عليه تصور الماهية، فلابد أن يتصور قبلها.

ويقولون تارة: لابد أن يتصور معها. فلا يمكن عندهم أن يتأخر تصوره عن تصور الماهية، وبذلك يعرف أنه وصف ذاتي.


١ - انظر: الرد على المنطقيين ص ٧٣ - ٧٥، مجموع الفتاوى ٩/١٠٠ - ١٠١.
٢ - انظر: الرد على المنطقيين ص ٧٦ - ٧٧، مجموع الفتاوى ٩/١٠١.

<<  <   >  >>