للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثانياً: تعريف التوحيد في الاصطلاح.

١ - تعريف التوحيد عند أهل السنة:

لقد تبين فيما تقدم أن كلمة التوحيد في اللغة تدل على الانفراد، وانقطاع النظير والمثيل، بل قد جاء في كتب أهل اللغة المتقدمين أن التوحيد يعني الإيمان بالله وحده لا شريك له، وهذا هو التوحيد الشرعي الذي جاء في كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وعليه بنى أهل السنة تعريفهم للتوحيد، وبيانهم لأنواعه.

أولاً - التوحيد في القرآن:

لم تأت كلمة التوحيد بهذه اللفظة في كتاب الله، وإنما جاء فروع هذه الكلمة مثل: "واحد"، و"أحد"، و"وحده"، وهي تعني توحيد الله، الذي عليه مدار كتاب الله - عز وجل -.

وإذا تأملت الآيات عن الله - عز وجل - في توحيده –سبحانه - تجدها تشمل إفراده بالعبادة، وإثبات الأسماء والصفات له، وإفراده بالربوبية والخلق والتصرف.

ففي إفراده بالعبادة قال - تعالى -: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة –١٣٣] وقال - تعالى -: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة - ٧٣] وقال - تعالى -: {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [النحل –٥١] . يقول الإمام الطبري١ - رحمه الله -: "إلهاً واحداً أي نخلص له العبادة، ونوحد له الربوبية، فلا نشرك به شيئاً، ولا نتخذ دونه رباً"٢.


١ - محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر، المؤرخ المفسر الإمام، ولد في آمل طبرستان، واستوطن بغداد، وتوفي بها سنة ٣١٠ للهجرة، من كتبه "أخبار الرسل والملوك"،وتفسيره "جامع البيان". انظر: شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي ٢/٢٦٠، الأعلام ٦/٦٩.
٢ - جامع البيان في تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري ١/٥٦٢، وانظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/١٩٢.

<<  <   >  >>