للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - معنى الإحياء في الشرع:

لقد ورد في الكتاب والسنة فعل الإحياء مثل: أحيا ونحيي ويحيي، وجاء اسم الفاعل من ذلك وهو المحيي، ولوضوح معنى الإحياءلم يعرفه أهل السنة في مؤلفاتهم وإنما تحدثوا عن هذا اللفظ بكلام عام يبين معناه عندهم.

وقد ورد الإحياء في الشرع بمعنى نفخ الروح في الجسد، وإيجاد الحياة فيه، يقول الإمام الطبري عند تفسير قوله - تعالى -: {وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة - ٢٨] ، وقوله: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر - ١١] : "..كانوا نطفاً لا أرواح فيها فكانت بمعنى سائر الأشياء الموات التي لا أرواح فيها، وإحياؤه إياها - تعالى ذكره - نفخه الأرواح فيها، وإماتته إياهم بعد ذلك قبضه أرواحهم، وإحياؤه إياهم بعد ذلك نفخ الأرواح في أجسامهم يوم ينفخ في الصور، ويبعث الخلق للموعود"١. ويقول الإمام ابن القيم في معنى الإحياء أنه:" إحياء الميت وإيجاد الحياة فيه"٢.ويقول ابن كثير في معنى قوله - تعالى -: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ} [الحجر - ٢٣] : "إخبار عن قدرته - تعالى - على بدء الخلق وإعادته، وأنه هو الذي أحيا الخلق من العدم، ثم يميتهم ثم يبعثهم كلهم ليوم الجمع"٢.

كما جاء الإحياء في بعض الآيات بمعنى إحياء الأرض بإنبات النبات فيها نحو قوله - تعالى -: {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم _٥٠] ، قال الإمام الطبري: " {وَيُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم - ١٩] فينبتها، ويخرج زرعها بعد خرابها وجدوبها"٣.

وأما الإحياء في قوله - تعالى -: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال _ ٢٤] فالمراد ما يحييكم من الحق، وقيل الإسلام، وقيل الإيمان٥.

والإحياء المضاف إلى الله - تعالى - في الآيات السابقة صفة فعلية من صفات الرب - سبحانه -، يقول ابن تيمية - رحمه الله -:" معلوم بالسمع اتصاف الله - تعالى - بالأفعال


١ - تفسير الطبري ١/١٨٨، وانظر: تفسير ابن كثير ١/٦٨، تفسير القرطبي ١٢/٩٣، زاد المسير ٥/٤٤٨.
٢ - مفتاح دار السعادة ٣/٢٠٩.
٢ - تفسير ابن كثير ٢/٢٠٩.
٣ - تفسير الطبري ٢١/٣٠ وانظر تفسير ابن كثير ٤/٣٣٣.
٥ - انظر: تفسير الطبري ٩/٢١٣.

<<  <   >  >>