للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - معنى الإحياء عند المتكلمين:

يتبين معنى الإحياء عند الأشاعرة من خلال تعريفهم للمحيي، يقول البيهقي١: "المحيي ويختص بخلق الحياة"٢، ويعرف المحيي مرة أخرى فيقول: "المحيي جاعل الخلق حياً بإحداث الحياة فيه"٣، كما يعرف الإحياء بقوله: "الإحياء إنما هو إعادة الحياة إلى من كان حياً فأميت"٤.

وقال الرازي في تعريف المحيي: "واعلم أنه - تعالى - يحيي النطفة والعلقة بخلق الحياة فيهما، ويحيي الأرض بإنزال الغيث.. يحيي الأجسام بالأرواح، ويحيي الأرواح بالمعارف والواردات الغيبية"٥.

ويلاحظ على التعريفات السابقة أنها تجعل الإحياء بمعنى الخلق، والخلق عندهم هو المخلوق، فهو صفة بائنة عن ذات الرب، كما أن "الإحياء عندهم هو وجود الحياة في الحي من غير فعل يقوم بالرب، فقد جعلوه محيياً بوجود الحياة في غيره، وكذلك جعلوه مميتاً، وهذا مما عارضهم به المعتزلة، ولم يجيبوا عنه بجواب صحيح"٦.

يقول عبد القاهر البغدادي وهو يتحدث عن أسماء الله - تعالى -: "أسماء الله - تعالى - على ثلاثة أقسام: قسم منها يستحق لذاته كوصفه بأنه شيء وموجود وذات وغني ونحو ذلك. وقسم منها يستحق لمعنى قام به كالحي والعالم والقادر والمريد والمتكلم والسميع والبصير. وقسم منها يستحقه لفعل من أفعاله كالخالق والغافر ونحو ذلك، وأما ما اشتق منها عن فعله فليس من أسمائه الأزلية"٧.

ويقول البيهقي مبيناً أنواع صفات الله: "ثم صفات الله - عز اسمه - قسمان:

أحدهما: صفات ذاته، وهي ما استحقه فيما لم يزل ولا يزال. والآخر: صفات فعله وهي ما استحقه فيما لا يزال دون الأزل..ثم منه ما اقترنت به دلالة العقل كالحياة والقدرة


١ - البيهقي هو الحافظ العلامة الثبت الفقيه، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي الخراساني، له مؤلفات كثيرة منها كتاب السنن، وكتاب الأسماء والصفات، توفي سنة ٤٥٨هـ. انظر: السير ١٨/١٦٣ - ١٦٨، كشف الظنون١/٩، ٢٠، ١٧٥.
٢ - شعب الإيمان للبيهقي ١/٦٦.
٣ - الأسماء والصفات للبيهقي ص ٩٥.
٤ - شعب الإيمان ١ /١٦٨.
٥ - شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص ٣٠٥ - ٣٠٦.
٦ - مجموع الفتاوى ٦/٣١٧.
٧ - أصول الدين ١٢١ - ١٢٢.

<<  <   >  >>