للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعلم والإرادة والسمع والبصر والكلام ونحو ذلك من صفات ذاته، وكالخلق والرزق والإحياء والإماتة والعفو والعقوبة، ونحو ذلك من صفات فعله، ومنه ما طريق إثباته ورود خبر الصادق به فقط كالوجه واليدين والعين في صفات ذاته، وكالاستواء على العرش والإتيان والمجيء والنزول ونحو ذلك من صفات فعله..ونعتقد في صفات ذاته أنها لم تزل موجودة بذاته، ولا تزال موجودة به، ولا نقول فيها أنها هو ولا غيره، ولا هي هي ولا غيرها.. ونعتقد في صفات فعله أنها بائنة عنه - سبحانه -، ولا يحتاج في فعله إلى مباشرة {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس - ٨٢] "١.

ويقول الجويني٢: "من أسمائه ما نقول إنه هو هو؛ وهو كل ما دلت التسمية به على وجوده، ومن أسمائه ما نقول إنه غيره؛ وهو كل ما دلت التسمية به على فعل كالخالق والرازق، ومن أسمائه ما لا يقال إنه هو ولا يقال إنه غيره؛ وهو كل ما دلت التسمية به على صفة قديمة كالعالم والقادر"٣. وقال أيضا: "والمرتضى عندنا طريقة شيخنا - رضي الله عنه -، فإن الأسماء تتنزل منزلة الصفات، فإذا أطلقت ولم تقتض نفيا حملت على ثبوت متحقق، فإذا قلنا الله الخالق؛ وجب صرف ذلك إلى ثبوت وهو الخلق، وكان معنى الخالق من له الخلق، ولا ترجع من الخلق صفة متحققة إلى الذات، فلا يدل الخالق إلا على إثبات الخلق، ولذلك قال أئمتنا: لا يتصف الباري - تعالى - في أزله بكونه خالقاً، إذ لا خلق في الأزل، ولو وصف بذلك على معنى أنه قادر كان تجوزاً"٤.

وقالوا: "وصفات الأفعال كالإحياء والإماتة فإنها غير أيضاً، بمعنى أنها منفكة، لأنها هي تعلقات القدرة التنجيزية الحادثة"٥.

فالأشاعرة لا يثبتون صفات الأفعال لله - تعالى - ومنها الإحياء، وقد فسروه في التعريفات السابقة بالخلق، والخلق عندهم هو المخلوق، وليس صفة قائمة بذات الله -


١ - الأسماء والصفات ص ١٣٧ - ١٣٨.
٢ - هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، الفقيه الشافعي، ولد في جوين من نواحي نيسابور، خرج إلى مكة فجاورفيها أربع سنين، وبالمدينة فلهذا قيل له إمام الحرمين توفي سنة ٤٧٨ هجرية، من مؤلفاته البرهان في الفقه، والإرشاد. انظر: وفيات الأعيان ٣/١٦٧، البداية والنهاية ١٢/١٣٦، الأعلام٤/١٦٠.
٣ - الإرشاد ص ١٤٣ - ١٤٤.
٤ - المرجع السابق ص ١٤٣.
٥ - شرح جوهرة التوحيد ص٨٠.

<<  <   >  >>