للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى - بل هو من متعلقات القدرة عندهم، فالخلق والإحياء والإماتة، بل وجميع صفات الأفعال يقولون إنها بائنة عنه - سبحانه -، وأنها لا تحقق وصفاً في ذاته.

فالخلاصة إذاً هي أن الأشاعرة لا يثبتون صفة الإحياء، وإن كانوا قد عرفوا الإحياء والمحيي بما يوهم أنهم يثبتون هذه الصفة لله.

أما الماتريدية١ فإنهم يرجعون صفة الإحياء، بل وجميع صفات الأفعال، إلى صفة التكوين، والتكوين هو إخراج المعدوم من العدم إلى الوجود٢. ويقولون في تعريف التكوين أنه: "صفة معنى قديمة قائمة بالذات العلية تسمى التكوين، زيادة على السبع، فإن تعلقت بالحياة سميت إحياء، وبالموت سميت إماتة وغير ذلك"٣.

ويقول ملا علي قاري٤: "فالصفات الأزلية عندنا ثمانية، لا كما زعم الأشعري من أن الصفات الفعلية إضافات، ولا كما تفرد به بعض علماء ما وراء النهر بكون كل من الصفات الفعلية صفة حقيقية أزلية، فإن فيه تكثير القدماء جداً، وإن لم تكن متغايرة فالأولى أن يقال: إن مرجع الكل إلى التكوين، فإنه إن تعلق بالحياة يسمى إحياءً، وبالموت إماتةً، وبالصورة تصويراً إلى غير ذلك، فالكل تكوين، وإنما الخصوص بخصوصيات المتعلقات"٥.

وفي دستور العلماء: "والتكوين عند بعض المتكلمين صفة أزلية لله - تعالى -، وهو المعنى الذي يعبر عنه بالفعل، والتخليق، والإيجاد، والإحداث، والاختراع، ونحو ذلك. ويفسر بإخراج المعدوم من العدم إلى الوجود، والمحققون منهم على أنه من الإضافات والاعتبارات العقلية، وعلى أن الحاصل في الأزلي هو مبدأ التخليق، والترزيق، والإماتة، والإحياء، وغير ذلك، وليس ذلك المبدأ سوى القدرة والإرادة"٦.


١ - أتباع أبي منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي، وهي فرقة قريبة في أصولها الكلامية من مذهب الأشاعرة، وأهم ما تميزت به هو القول بأزلية التكوين، وهي الصفة الثامنة التي تضيفها الماتريدية على الصفات السبع عند الأشاعرة. انظر: الماتريدية دراسة وتقويماً للشيخ أحمد الحربي.
٢ - انظر: التمهيد لأبي المعين النسفي ص ٢٨، شرح الفقه الأكبر ص ٣٥، موسوعة مصطلحات جامع العلوم ص ٣٤.
٣ - حاشية العدوي على كفاية الطالب ١ /٥٤.
٤ - نور الدين علي بن سلطان محمد الهروي القاري، نزيل مكة المكرمة المتوفى بها سنة أربعة عشر وألف، من علماء الماتريدية، له عدة مؤلفات منها: المرقاة شرح المشكاة، شرح الفقه الأكبر. انظر: البدر الطالع ١/٤٤٥ - ٤٤٦، كشف الظنون ١/٤٤٥، ٦٧١، ٧٣١.
٥ - شرح الفقه الأكبر ص ٣٥.
٦ - موسوعة مصطلحات جامع العلوم المسمى دستور العلماء لأحمد نكري ص٣٤.

<<  <   >  >>