للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شاء إذا شاء، ولا يوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والإتيان، كما يليق بجلاله وعظمته، فهذا نفي باطل١.

وقد رد عليهم في مسألة نفي حلول الحوادث فحول النظار من الفلاسفة والمتكلمين؛ أمثال ابن رشد، والفخر الرازي، وسيف الدين أبي الحسن الآمدي، فضلاً عن ردود أهل السنة عليهم في ذلك٢.

لكن الرازي والآمدي بعد إبطالهما لحجج نفاة حلول الحوادث، لم يقولا بقيام الأفعال الاختيارية في ذات الله، بل احتجا على نفيها بحجة الكمال والنقصان، وهي قولهم: أن ما يقوم به إن كان صفة كمال كان عدمه قبل حدوثه نقصاً، وإن كان نقصاً لزم اتصافه بالنقص، والله منزه عن ذلك٣، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -:" وهذه الحجة ضعيفة، ولعلها أضعف مما ضعفوه، فإن لقائل أن يبطلها من وجوه كثيرة:

أحدها: أن يقال: القول في أفعاله القائمة به، الحادثة بمشيئته وقدرته، كالقول في أفعاله التي هي المفعولات المنفصلة، التي يحدثها بمشيئته وقدرته، فإن القائلين بقدم العالم أوردوا عليهم هذا السؤال، فقالوا: الفعل إن كان صفة كمال، لزم عدم الكمال له في الأزل، وإن كان صفة نقص، لزم اتصافه بالنقائص، فأجابوهم بأنه ليس صفة نقص ولا كمال"٤.

وبهذا يتبين أنه ليس لهم دليل عقلي على نفيهم للصفات الاختيارية، التي يسمونها حلول الحوادث، وأما الكتاب والسنة فيدلان على نقيض قولهم، كما دل العقل على ذلك.

أما قول المعتزلة والأشاعرة ومن وافقهم إن الفعل عين المفعول، والخلق عين المخلوق فباطل أيضاً، ومما يرد عليهم في ذلك:


١ - انظر: شرح الطحاوية ١/٩٧.
٢ - انظر ردود بعض الفلاسفة والمتكلمين على حجج نفاة حلول الحوادث في: مناهج الأدلة ص ١٤١ - ١٤٤، الأربعين ص ١١٨ - ١٢٠، غاية المرام ص ١٨٧ - ١٩٣، وقد ذكرها شيخ الإسلام في الدرء ٤/٢٧ - ٤٠، ٦٢، ٧١، مجموع الفتاوى ٦/٢٣١ - ٢٣٢، وانظر موقف ابن تيمية من الأشاعرة للدكتور عبد الرحمن المحمود ٣/١٢٠٩ - ١٢١٣.
٣ - انظر: درء التعارض ٤/٣، مجموع الفتاوى٦/٢٤٠.
٤ - درء التعارض ٤/٣.

<<  <   >  >>