للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الإسراء - ١٦] ، وقوله - سبحانه -: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل - ٤٠] ، وقوله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن - ٢٩] ، وقوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة - ١] ، إلى غير ذلك من الآيات.

كما دلت الأحاديث الصحيحة على ذلك أيضاً، ومنها ما رواه زيد بن خالد قال: صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب" ١. وقوله - صلى اله عليه وسلم - في حديث الشفاعة: "إن ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله" ٢، ونحوها من الأحاديث.

ثانياً: "أن يقال إذا عرض على العقل الصريح ذات يمكنها أن تتكلم بقدرتها، وتفعل ما تشاء بنفسها، وذات لا يمكنها أن تتكلم بمشيئتها، ولا تتصرف بنفسها البتة، بل هي بمنزلة الزَّمِن، الذي لا يمكنه فعل يقوم به باختياره، قضى العقل الصريح بأن هذه الذات أكمل، وحينئذ فأنتم الذين وصفتم الرب بصفة النقص، والكمال في اتصافه بهذه الصفات لا في نفى اتصافه بها"٣.

ثالثاً: أنهم يبنون نفي قيام الأفعال الاختيارية بالرب - تعالى - على مسألة نفي حلول الحوادث به - سبحانه -، وهو لفظ فيه إجمال، فان أريد بالنفي أنه - سبحانه - لا يحل في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة، أو لا يحدث له وصف متجدد لم يكن، فهذا نفي صحيح، وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية؛ من أنه لا يفعل ما يريد، ولا يتكلم بما


١ - أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب قول الله - تعالى -: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ..} [الواقعة - ٨٢] ١/٣٢٦، ح ١٠٣٨، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء ١/٨٣، ح ٧١.
٢ - أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} ٣/٢٥٠ - ٢٥١، ح ٤٧١٢، كما أخرجه برقم ٣٣٤٠، ٣٣٦١، ومسلم في كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها ١/١٨٤ ح ١٩٤.
٣ - مجموع الفتاوى ٦/٢٤٢.

<<  <   >  >>