للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوفية والحنفية والكرامية١وكثير من الهشامية٢وبعض المعتزلة، وكثير من أساطين الفلاسفة متقدميهم ومتأخريهم.

وذهب آخرون من أهل الكلام كالجهمية وأكثر المعتزلة والأشعرية إلى أن الخلق هو نفس المخلوق، وليس لله عند هؤلاء صنع ولا فعل ولا خلق ولا إبداع إلا المخلوقات أنفسها، وهو قول طائفة من الفلاسفة المتأخرين كابن سينا وأمثاله.

والأصل الثاني: وهو أن الله - سبحانه - هل تقوم به الأمور الاختيارية المتعلقة بقدرته ومشيئته أم لا؟ فمذهب السلف وأئمة الحديث، وكثير من طوائف الكلام، والفلسفة، جواز ذلك. وذهب نفاة الصفات من الجهمية والمعتزلة والفلاسفة، والكلابية٣ من مثبتة الصفات إلى امتناع قيام ذلك به. وهو قول الأشاعرة والماتريدية كما سبق ذكر ذلك.

وقد ذكر شيخ الإسلام - رحمه الله - شبهتهم في هذين الأصلين ورد عليها. كما ذكر الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف على اتصاف الله - تعالى - بالأفعال الاختيارية وبين أنها متعلقة بقدرته ومشيئته، وأن الفعل غير المفعول٤.

ومن وجوه الرد على من نفى قيام الأفعال الاختيارية بذات الرب - سبحانه - ما يلي:

أولاً: أن كتاب الله - تعالى - مليء بالآيات التي تدل على أن الله - يفعل متى شاء - سبحانه -، وعلى اتصافه - سبحانه - بالأفعال الاختيارية، ومن ذلك قوله - تعالى -: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً}


١ - الكرامية أتباع أبي عبد الله محمد بن كرام السجستاني المتوفى سنة٢٥٥هـ، وهم يوافقون السلف في إثبات الصفات، ولكنهم يبالغون في ذلك إلى حد التشبيه والتجسيم، وكذلك يوافقون السلف في إثبات القدر، وكذلك يوافقون المعتزلة في وجوب معرفة الله بالعقل، وفي التحسين والتقبيح العقليين، وهم يعدون من المرجئة لقولهم بأن الإيمان هو الإقرار والتصديق باللسان دون القلب. انظر: الملل والنحل١/١٠٨ - ١١٣، الفرق بين الفرق ص٢١٥ - ٢٢٥، لسان الميزان لابن حجر ٥/٣٥٣ - ٣٥٦.
٢ - الهشامية نسبة إلى هشام بن الحكم الكوفي الرافضي المشبه، من كبار متكلمي الرافضة، وله نظر وجدل وتواليف كثيرة في الرد على المعتزلة وفي التوحيد وغير ذلك، وتنسب الهشامية أيضا إلى هشام بن سالم الجواليقي، والفريقان جميعاً يدينون بالتشبيه والتجسيم. انظر: التبصير في الدين للإسفراييني ص٢٣ - ٢٤، الملل والنحل ١/١٨٤، السير١٠/٥٤٣ - ٥٤٤.
٣ - أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان، المتوفى سنة٢٤٠ هـ، من آرائه: القول بأزلية الصفات، وأن صفات الباري لا تتغاير، وأن العلم لا هو القدرة ولا غيرها، وكذلك سائر الصفات، والكلابية هم مشايخ الأشعرية فإن أبا الحسن الأشعري إنما اقتدى بطريقة أبي محمد بن كلاب، وابن كلاب كان أقرب إلى السلف زمناً وطريقةً. انظر: مقالات الإسلاميين ١/٢٤٩ - ٢٥٠، ٢/٢٢٥، الاستقامة لابن تيمية ١/١٠٥.
٤ - انظر: مجموع الفتاوى ٥/٥٢٩ - ٥٣٨، ٦ /٢٣٣ وما بعدها ٦ /٣١٧ - ٣١٩، الدرء ٢/٣ - ١٤٦، ٢/١٤٩ وما بعدها، شرح العقيدة الطحاوية ١/٩٧، خلق أفعال العباد للبخاري ص ١٨٦ - ١٩٠.

<<  <   >  >>