للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - معنى الملك عند المتكلمين:

يتأول كثير من متكلمي الأشاعرة، والمعتزلة، الملك بالقدرة، وبعضهم يتأوله بالخلق وبعضهم يقول إنه التصرف.

يقول الجويني: "ثم اختلفوا في الملك، فمنهم من فسره بالخلق، فالمَلِك الخالق، وهو من أسماء الأفعال، وقال بعضهم: الملك القدرة على الاختراع"١. وقال الرازي: "اختلفوا في حقيقة الملك فقال بعضهم: إنه عبارة عن التصرف، وعلى هذا يكون الملك من صفات الأفعال. والقول الثاني أنه القدرة على التصرف لولا المانع، وعلى هذا القول يكون الملك من صفات الذات "٢، ثم ذكر الإشكالات على القولين واختار الثاني٣.

وقال القاضي عبد الجبار: "المِلْك هو القدرة، وأن المَلِك هو القادر"٤.

وتأويلهم صفة الملك بالقدرة على الاختراع، أو الخلق، إنما هو في الحقيقة نفي لصفة الملك، وكذلك قصر بعضهم للملك على القدرة على التصرف، إنقاص لمعنى الملك، فالملك يعني ملكه لجميع الأشياء، وتصرفه وتدبيره في ملكه بلا مدافعة ولا ممانعة، وقدرته على ذلك. فالملك صفة ذاتية تستلزم، وتتضمن، صفات ذاتية وفعلية، مثل علمه، وقدرته، وأنواع تصرفه وتدبيره لملكه - سبحانه -. والأشاعرة لا يثبتون صفات الأفعال قائمة بذات الله، والمعتزلة ينفون معها صفات الذات أيضاً، وقد سبق الرد عليهم في ذلك٥.

٤ - معنى الملك عند الفلاسفة:

قال ابن سينا: "الملك الحق هو الغني الحق مطلقاً، ولا يستغني عنه شيء في شيء، وله ذات كل شيء، لأن كل شيء منه أو مما منه ذاته، فكل شيء غيره فهو له مملوك، وليس له إلى شيء فقر"٦.


١ - الإرشاد ص١٤٥.
٢ - شرح أسماء الله الحسنى ص١٨٣، وانظر فتح الباري ١٣/٣٧٩.
٣ - انظر: شرح أسماء الله الحسنى ص١٨٦.
٤ - المغني ١١/٢٨.
٥ - انظر الرد في البحث ص١٤٩ - ١٥٢.
٦ - الإشارات والتنبيهات٣/١٢٤، وانظر: بيان تلبيس الجهمية ١/١٨٤.

<<  <   >  >>