وهذا الكلام الذي ذكره ابن سينا في معنى الملك، متفق عليه بين المسلمين، وغيرهم من أهل الملل، بل حتى المشركون يقرون بذلك، قال - تعالى -: {قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ}[المؤمنون:٨٤ - ٨٩] .
ولكن هذا جزء يسير من معنى الملك، فلفظ الملك يتضمن غناه عن كل شيء، وفقر كل شيء إليه، - وهو ما ذكروه - ولكنه يتضمن أكمل من ذلك، من العلم، والقدرة، والتدبير، على وفق المشيئة، والإرادة، وغير ذلك من المعاني التي تبين أن هؤلاء الفلاسفة لا يجعلونه ملكاً حقاً، وكيف يكون ملكاً عندهم من لا يقدر على إحداث شيء، ولا دفع شيء، ولا له تصرف بنفسه، ولا في غيره بوجه من الوجوه. بل ما يصفونه من غناه، وافتقار ما سواه إليه، يتناقضون فيه، فإنهم يصفونه بما يمتنع معه أن يكون غنياً، وأن يكون شيء ما إليه فقير١.