للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - معنى الخلق عند المتكلمين:

يقول الباقلاني١: "حقيقة الخلق والإحداث، هو إخراج الشيء من العدم إلى الوجود"٢، ويقول أبو المعالي: "والخلق قد يراد به الاختراع، وهو أظهر معانيه، وقد يراد به التقدير"٣. وقال الرازي: "الخلق عبارة عن الإيجاد والتكوين، والإخراج من العدم إلى الوجود"٤. وقال القاضي عبد الجبار: "الخلق هو إحداث الشيء مقدراً "٥، وقال أيضاً: "الخلق هو الإنشاء والإبداع "٦. وقيل: "الخلق إيجاد الشيء على تقدير واستواء "٧.

ويلاحظ أن هذه التعريفات موافقة للغة، ولمعنى الخلق عند أهل السنة. ولكن هل هذا الخلق الذي عرفوه سابقاً هو صفة قائمة بذات الله - تعالى -؟ أو أن الخلق هو المخلوق؟. يرى كثير من طوائف المتكلمين أن الخلق هو المخلوق، وبعضهم يرى أنه معنى آخر غير المخلوق كالإرادة مثلاً، وليس الخلق - بزعمهم - صفة قائمة بذات الرب، يقول البيهقي: "ونعتقد في صفات فعله أنها بائنة عنه - سبحانه - "٨. ويقول الجويني: "..ولا ترجع من الخلق صفة متحققة إلى الذات، فلا يدل الخالق إلا على إثبات الخلق، ولذلك قال أئمتنا: لا يتصف الباري - تعالى - في أزله بكونه خالقاً، إذ لا خلق في الأزل، ولو وصف بذلك على معنى أنه قادر كان تجوزاً"٩.

والماتريدية كما سبق بيان مذهبهم في الإحياء والإماتة، وسائر صفات الفعل، فإنهم يجعلون الخلق من متعلقات التكوين، وليس صفة حقيقية تعود على الذات بمعنى١٠.


١ - هو أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر الباقلاني الأشعري، الأصولي المتكلم، صاحب التصانيف الواسعة في الرد على الفرق الضالة، من مؤلفاته الإنصاف، والتمهيد، توفي سنة٤٠٣هـ. انظر: شذرات الذهب ٣/١٦٨، معجم المؤلفين١٠/١٠٩ - ١١٠، الأعلام٦/١٧٦.
٢ - الإنصاف ص١٤٨ - ١٤٩.
٣ - الإرشاد ص١٤٨.
٤ - مفاتيح الغيب ١٩/٣٢، وانظر: المطالب العالية ٩/١٣٧، شرح أسماء الله الحسنى ص٢١١.
٥ - المغني ٨/٢٥٧.
٦ - المرجع السابق ٧/٢٢١.
٧ - الكشاف ١/٩١.
٨ - الأسماء والصفات ص١٣٨.
٩ - الإرشاد ص١٤٣.
١٠ - انظر: شرح الفقه الأكبر ص٣٥، والبحث ص١٤٧ - ١٤٨.

<<  <   >  >>