للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: أن القرآن والتوراة قد نصا أنه - تعالى - خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وتواترت بذلك الأحاديث، ثم اتفق عليه أهل الملل، فكيف يجوز أن يفسر بالاختراع اللازم لذاته من غير سبق مادة؟ كما ذكروه في المعنى الثالث١.

ثانياً: أن لفظ الخلق المذكور في القرآن، يتضمن معنيين، كلاهما يناقض قولهم، يتضمن الإبداع والإنشاء المعروف، ويتضمن التقدير، وعندهم العقول والنفوس ليس لها مقدار، ولا هي أيضاً مبدعة الإبداع المعروف، والسماوات ليست مبدعة الإبداع المعروف، وقد قال - تعالى -: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} [الفرقان - ٢] ، فذكر لفظ الخلق لكل شيء، وذكر أنه قدر كل شيء تقديراً، والملائكة عندهم لم تقدر، بل ولم تخلق الخلق المعروف عند المسلمين، وهذا يدل على مناقضتهم للرسل أيضاً، مع كثرة أدلة ذلك باللغة التي خوطبوا بها٢.

ثالثاً: أن المعنى الثاني وهو قولهم: "يقال خلق لإفادة وجود حاصل عن مادة وصورة كيف كان"؛ يشير إلى قولهم بقدم المادة وهو قول باطل، وينفي صفة الخلق عن الله، وهذا تضليل بين، وتحريف ظاهر، يريدون به ستر قولهم بأن العالم قديم، يعني غير مخلوق الخلق المعروف.

فهذا مما يرد به على الفلاسفة في المعاني الفاسدة التي ضمنوها للفظ الخلق، حيث إنه بفهم معنى الخلق في الشرع، يتبين أنه لفظ لا اشتراك فيه، فخلق الملائكة هو نفس معنى خلق الإنسان، وغيره من المخلوقات، وهو إنشاؤها من العدم وفق تقدير الله السابق لها.


١ - انظر: بغية المرتاد ص٢٣٩.
٢ - انظر: المرجع السابق ص ٢٤٠ - ٢٤١، الصفدية ١/٢٤٠.

<<  <   >  >>