للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - الإحداث غير الزماني: وهو إفادة الشيء وجوداً، وليس له في ذاته ذلك الوجود لا بحسب زمان دون زمان، بل في كل زمان.

والإحداث بالمعنى الأول هو إيجاد المخلوقات المشاهد حدوثها. ويقصدون بالنوع الثاني العقول فإنها مبدعة عندهم، كما أن العالم مبدع عندهم، وهو يعني قدم العالم، وقدم العقول، وهذا المعنى ظاهر البطلان، فقدم العالم يناقض كون الله أوجده؛ لأن الإيجاد للشيء لابد أن يكون مسبوقا بالعدم.

٣ - معنى الموجود والوجود:

الموجود يطلقه أهل العلم والنظر على ما هو كائن ثابت؛ لكونه يجده الواجد. وتارة يطلقونه من غير أن يستشعر فيه وجود واجد له لا بالفعل ولا بالاستحقاق. والوجود عندهم يراد به الكون والثبوت والحصول، وتارة يراد به الموجود١.

يقول الباقلاني: "والموجود هو الشيء الكائن الثابت "٢. أما الوجود فيعرفه الرازي بأنه: "حصول الشيء وتحققه وثبوته"٣. قال شيخ الإسلام - رحمه الله -:" والوجود هو الثبوت"٤.

ويبين شيخ الإسلام - رحمه الله - المراد بهذا اللفظ فيقول: "من المعلوم أن لفظ الوجود هو في أصل اللغة مصدر وجدت الشيء أجده وجودا، ومنه قوله - تعالى -: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء - ٤٣، المائدة - ٦] ..فالموجود هو الذي يجده الواجد، كنسبة المعلوم إلى العلم، والمذكور إلى الذكر..وهذا الاسم إنما يستحقه من يكون موجودا لواجد يجده؛ لكن هم في مثل هذا قد يقولون مشهود ومرئي وموجود، ونحو ذلك: لما يكون بحيث يشهده الشاهد، ويراه الرائي، ويجده الواجد؛ وإن تكلموا بذلك في الوقت الذي لا يكون فيه يشهده، ويراه، ويجده غيره. وقد لا يقولون هذا إلا في الوقت الذي يشهده الشاهد ويراه الرائي، ويجده الواجد، وكثيراً ما يقصدون به المعنى الأول، فيطلقون الموجود على ما هو كائن ثابت لكونه بحيث يجده الواجد.


١ - انظر: بيان تلبيس الجهميه ١/٣٢٩، الصفدية ١/١١٩.
٢ - الإنصاف ص١٥، وانظر: شرح الأصول الخمسه ص١٧٥، الصحايف الإلهية ص٩٦.
٣ - المباحث المشرقية ١/١٣٣، وانظر: شرح المقاصد ١/٢٩٥.
٤ - الجواب الصحيح ٤/٣٠٠.

<<  <   >  >>