للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالماهية إذاً بحكم الاصطلاح الغالب هي الثبوت الذهني، أو ما يرتسم في النفس من الشيء، وقد يراد بها ماهية الشيء في الخارج فتكون عين وجوده، وحقيقته الثابتة في نفس الأمر. وبناء على ذلك لا يوجد ماهية قائمة بنفسها في الخارج، زائدة على وجود الشيء.

ب - معنى الماهية عند الفلاسفة:

الماهية عند الفلاسفة مابه يجاب عن السؤال بما هو، وربما تفسر بما به الشيء هو هو١، وهذا التعريف يتفق جزؤه الأول مع تعريف أهل السنة السابق. قال الغزالي: "والماهية إنما تتحقق بمجموع الذاتيات المقومة للشيء"٢.

والماهية عندهم هي الحقيقة المعراة عن الأوصاف في اعتبار العقل٣. حيث يرى الفلاسفة أن الماهية لها حقيقة ثابتة في الخارج غير وجودها٤.

يقول ابن سينا في الإشارات: "قد يجوز أن تكون ماهية الشيء سبباً لصفة من صفاته، وأن تكون صفة له سبباً لصفة أخرى، مثل الفصل للخاصة، ولكن لا يجوز أن تكون الصفة التي هي الوجود للشيء، إنما هي بسبب ماهيته التي ليست هي الوجود، أو بسبب صفة أخرى، لأن السبب متقدم في الوجود، ولا متقدم بالوجود قبل الوجود "٥.

وكلامه هذا مبني على أصل فاسد، وهو الفرق بين الماهية ووجودها. وقولهم إن الماهية لها حقيقة ثابتة في الخارج غير وجودها، شبيه بقول من يقول المعدوم شيء، وهو من أفسد ما يكون، وأصل ضلالهم أنهم رأوا الشيء قبل وجوده يعلم ويراد، ويميز بين المقدور عليه والمعجوز عنه، ونحو ذلك، فقالوا لو لم يكن ثابتاًً لما كان كذلك. والتحقيق أن ذلك كله أمر ثابت في الذهن، والمقدر في الأذهان أوسع من الموجود في الأعيان، فالتفريق بين الوجود والثبوت، وكذلك التفريق بين الوجود والماهية، مع دعوى أن كليهما في الخارج غلط عظيم٦.


١ - انظر: موسوعة مصطلحات جامع العلوم ص٧٨٩، كشاف اصطلاحات الفنون ٢/١٣١٣.
٢ - معيار العلم ص٧٣.
٣ - انظر: موسوعة مصطلحات جامع العلوم ص٧٩٠.
٤ - انظر: الرد على المنطقيين ص٦٤.
٥ - الإشارات ٣/٣٠ - ٣٤، وانظر: الدرء ٥/١٠١ - ١٠٢.
٦ - انظر: مجموع الفتاوى ٩/٩٧ - ٩٨، المواقف ص٥٠.

<<  <   >  >>