للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويخص المتكلمون الماهية بحقيقة الشيء الكلي، وأما حقيقة الجزئي فتسمى هوية١. والماهية وفقا لهذه التعريفات زائدة على الوجود، ومغايرة له وهو مذهب الفلاسفة. في حين يرى أبو الحسن الأشعري وأبو الحسين البصري٢ أن الوجود نفس الماهية٣.

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - معلقاً على هذه الأقوال: "فمن قال إن وجود كل شيء عين ماهيته كما يقوله متكلمو أهل الأثبات، فقد أصاب، إذا أراد أن الوجود الثابت في الخارج، هو الماهية الثابتة في الخارج، ومن قال إن وجود كل شيء غير ماهيته، كما يقوله أبو هاشم بن الجبائي وأمثاله، فقد أصابوا إن أرادوا أن الوجود الثابت في الخارج، مغاير للماهية الثابتة في الذهن، وأما إن أرادوا ما هو المعروف من مذهبهم، أن في الخارج ماهيات ثابتة، وهو المعدوم الثابت في حال عدمه، وأن الوجود صفة لتلك الماهية، فهذا خطأ "٤.

٣ - ثبوت الماهية لله:

إن لكل موجود حقيقة تخصه يتميز بها عما سواه، ويباين بها غيره، وهذه الحقيقة هي حقيقة الربوبية، وبنفيها ضل الجهمية من المعتزلة، والفلاسفة، وأمثالهم، وهي الماهية التي أثبتها ضرار، وأبو حنيفة، وغيرهما من الكوفيين، وخالفهم في ذلك معتزلة البصرة، وعلى إثباتها أئمة السنة والجماعة، من السلف والخلف، ولهذا ينفون العلم بماهيه الله وكيفيته فيقولون لا تجري ماهيته في مقال، ولا تخطر كيفيته ببال.

ومن نفاها من المنتسبين إلى السنة وغيرهم قال ليس له ماهية فتجري في مقال، ولا له كيفيه فتخطر ببال. والأول هو المأثور عن السلف والأئمة، ويدل عليه صريح المعقول وصحيح المنقول٥.


١ - انظر: شرح المقاصد ١/٤٠٠، الصحايف الإلهية ص٩٧.
٢ - أبو الحسين محمد بن علي الطيب البصري، من متأخري المعتزلة ومن أئمتهم، توفي سنة ٤٣٦هـ، انظر ترجمته في: وفيات الأعيان ٣/٤٠١ - ٤٠٢، شذرات الذهب ٣/٢٥٩.
٣ - انظر: المواقف ص٤٨.
٤ - الصفدية ١/١٢٠، وانظر: الدرء ٥/١٠٢ - ١٠٣.
٥ - انظر: جامع الرسائل تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم ص١٧٢ - ١٧٣، بيان تلبيس الجهمية ١/٣٤٧.

<<  <   >  >>