للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - معنى القدم في اصطلاح المتكلمين:

القديم في اصطلاح المتكلمين هو الذي لا أول لوجوده، أو الشيء الذي لم يسبق بعدم، وتنازعوا في المتقدم على غيره هل يسمى قديم حقيقةً، أم مجازاً؟ على قولين١.

يقول الباقلاني: "فالقديم هو المتقدم في الوجود على غيره، وقد يكون لم يزل، وقد يكون مستفتح الوجود"٢. وقال الجويني: "ذهب بعض الأئمة إلى أن القديم هو الذي لا أول لوجوده، وقال شيخنا - رحمة الله عليه - كل موجود استمر وجوده وتقادم زمناً متطاولاً، فإنه يسمى قديماً في إطلاق اللسان، قال الله - تعالى -: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس - ٣٩] "٣.

وقال القاضي في معنى القديم: "وأما في اصطلاح المتكلمين: فهو ما لا أول لوجوده "٤.

وقال الرازي: "واعلم أن القديم هو الذي لا أول لوجوده، وقد يراد به: الذي طالت مدة وجوده"٥.

ويرى كثير من المعتزلة أن القديم هو أخص وصف للإله٦.كما أن كثيراً من المتكلمين أدخلوا لفظ القديم في أسماء الله٧.

أما المتأخرون من المتكلمين أمثال الرازي والآمدي، فقد وافقوا الفلاسفة في تعريف القديم، وسيأتي شرح ذلك عند لفظ قدم العالم.

٤ - نقد تعريف المتكلمين، وموقفهم من لفظ القديم:

يرى بعض المتكلمين أن القديم هو المتقدم الذي لم يسبقه عدم، كما جعله عموم المتكلمين من أسماء الله - تعالى، ويرى المعتزلة أن لفظ القديم أخص صفات الإله، وبنوا


١ - انظر: الصفدية ٢/٨٤، الشامل لأبي المعالي ص١٣٧، الجواب الصحيح لابن تيمية ٣/٢٦٩، مجموع الفتاوى ١/٢٤٥.
٢ - التمهيد ص٤١.
٣ - الإرشاد ص٣٢، وانظر: الأسماء والصفات للبيهقي ص٢٣.
٤ - شرح الأصول الخمسة ص١٨١، وانظر: المغني ٤/٢٥٠.
٥ - المطالب العالية ٣/٢٤٧.
٦ - انظر: شرح الأصول الخمسة ص١٨١، مجموع الفتاوى ٣/٧٠، درء التعارض ٥/٤٩ - ٥٠، شرح المقاصد ٢/٩.
٧ - انظر: شرح أسماء الله الحسنى ص٣٥٨.

<<  <   >  >>